يصلح أن تستنبط الأحكام القانونية استناداً إلى الموازين الأخلاقية. وكما يقال : أنّ القانون يمهّد إلى الحياة الخلقية ، ولكن هناك اختلاف كما أشرنا بين الأمرين باعتبار أنّ الموازين القانونية تستلزم استيفاء كل حدود القضية.
القانون يُهدّد في حالة الحديّة في تطبيق القانون مع استبعاد العنصر الأخلاقي
وللرد على هذا الإشكال نقول : إذا سلّمنا أنّه إذا كانت الموازين القانونية أقل مرتبة من الموازين الأخلاقية ، وأنّ الموازين القانونية أقل مرتبة من الموازين الأخلاقية ، وأن الموازين القانونية تهدف إلى غرس الفضيلة في المجتمع ، فإنّ المشرّع القانوني الديني أو المشرّع القانوني الوضعي يضع نصب عينيه الوصول إلى الغايات الأخلاقية حينما يسنّ القوانين في المجتمع ، ولو بني النظام القانوني على القصاص الحدّي في جميع النزاعات بدون أي مرونة أو عفو أو تعاطي في هذه القضية ، لكان ذلك منشأ اختلال نفس ذلك القانون ; لأنّ ذلك يمثّل جفافاً ، والجفاف سريع الاشتعال ، وهذا الاشتعال سواءً بين الأطراف المتنازعة على مستوى الأفراد والأُسر والمجتمعات والدول سيؤدي إلى تأزّم القضية ، وإلى القضاء على القانون الذي ابتعد عن الموازين الأخلاقية وألغاها تماماً ، والنفس البشرية لا تتلاءم مع الانصياع والخضوع للموازين القانونية الحدّية التي تستبعد الموازين الأخلاقية وتقضي عليها ، إذن من المستحيل الاستغناء عن العنصر الأخلاقي في الموازين القانونية ، وأنّ هذا العنصر هوالذي يساهم في حفظ استقرار القانون وصونه ، ومع هذا نقول : أنّه ليس من الضروري أن يؤمِّن القانون جميع الدرجات في الموازين الخُلقية ، بل إنّه قد يبتعد بنسبة معيّنة حسب متطلبات القضية ، وهذا الأمر مسلّم به عند علماء المسلمين.