ميولهم ومصالحهم وأطماعهم ، والتلاعب في المواد القانونية أمر في غاية الخطورة ، حتى في النزاعات الدولية بين الدول التي تريد تسخير القوانين وتفسيرها حسب مصالحها ، فعلى سبيل المثال : قد يسمى التحرير إرهاباً ، وهذه مغالطة جليّة وواضحة ، وهناك فرق كبير بين الإرهاب والتحرير ، والغرض من تغيير الإسم ، هو أنّ القوى الكبرى لا تستطيع الاعتراض على شعب يريد تحرير أرضه ; لأنّ هذا حق طبيعي مكفول ، ولكنّها تسمي التحرير إرهاباً من أجل عرقلة التحرير ، ووضع السدود أمامه ، ولكي تكون هذه العرقلة مصبوغة بصبغة شرعية ومقبولة لدى المجتمع الدولي ، وهي صبغة محاربة الإرهاب ، وهم في هذه الحالة يعملون على صناعة رأي عام مزوّر من أجل تطبيق قوانين مزوّرة ومزيّفة وظالمة قائمة على التحايل والغش القانوني ، في المقابل نحن نحتاج إلى أن نعمل على صناعة رأي عام صادق من أجل أن يتقبّل المجتمع القانون القضائي الصادق.
الفرق بين العفو والإعراض عن الجاهلين
( وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ ) (١) وهذا أيضاً نوع من أنواع اللّين والرفق ، وهناك فرق بين الإعراض عن الجاهلين ، وبين العفو عنه ، لأنّك قد تعفو عن إنسان مّا ، ولكن يبقى في نفسك شيء تتذكّر به ذلك الفعل السيّء الذي فعله ذلك الجاهل ، والمقصود من الجاهل هو ذلك الشخص الذي يتعدّى الحدود ويظلم ، والجهل هنا مقابل العقل الذي يعني : التقيّد بالتعاليم الدينية ، وليس الجهل هنا في مقابل العلم ، لأنّ العلم قد يدعوك إلى التعقّل ، وقد يسيء الإنسان الاستفادة من العلم.
الفرق بين الإعراض والعفو ، أنّ الإعراض مرتبة أعلى من العفو ، لأنّ العفو وإن كان متضمّناً لمسامحة الجاهل ، إلاّ أنّه يبقى في النفس شيءٌ من ذلك الأمر ، وربما
__________________
١ ـ الأعراف (٧) : ١٩٩.