الحديث فيها اللعن بتسميات أُخرى ، وهي الاستنكار والشجب والإدانة ، وفي مقابلها التضامن والمساندة والتأييد والدعم ، وهذا هو التبرّي والتولّي ، ولكن بمصطلحات حديثة ليس إلاّ.
القرآن لا يدعو إلى نصرة المظلومين والمصلحين الشرفاء فحسب ، وإنّما يدعو إلى شجب وإدانة واستنكار ولعن الظالمين الذين لوّثوا التاريخ البشري ، وتعدّوا على حق البشرية حتى لو صاروا رفاتاً وتراباً ، والاستنكار من صميم الوجدان البشري ، ومن فطرة الإنسان.
والبعض حتى من المثقفين يستوحشون من اللعن ، والمشكلة لا تكمن في حروف اللعن « ل ع ن » ، وإنّما في مضمون اللعن ، واتخاذ الموقف المضاد للظالمين ، ولهذا فاللعن الوارد في زيارة عاشوراء ينطلق من هذا المنطلق ، وهذا هو منطق القرآن الكريم.
اتخاذ الموقف من أحداث التاريخ وشخصيّاته بناءً على مفهوم انكار المنكر
وأضيف لما ذكرته في العام الماضي ـ وهو أنّ القرآن كتاب رثاء وندبة ـ أنّ القرآن الكريم يدعو إلى اتخاذ الموقف ، ومحاكمة الأحداث التاريخية وشخصيّاته ، ومن الضروريات الفقهية المتسالم عليها بين الفريقين هي إنكار المنكر ، ويشمل مفهوم إنكار المنكر إنكار المنكر التاريخي ، والذي مرّ عليه زمان طويل ، ومن المعروف أنّ مراتب إنكار المنكر هي الإنكار بالقلب ثمّ باللسان ثمّ باليد ، وحيث إنّنا لا نتمكن من إنكار المنكر التاريخي باليد واللسان إلاّ أنّنا نستطيع إنكاره بالقلب ، وأحداث التاريخ لها موضوع قائم فيجب إنكاره إنكاراً قلبيّاً ، نحن نقول : يجب ، ولا نقول : يجوز ; لأنّ اتخاذ الموقف من المنكر التاريخي ممكن بالقلب.