هذه إجابات هؤلاء الباحثين ، وبين الفينة والأُخرى نرى بعض الدراسات التي تحاول إثبات أنّ الجهاد الابتدائي لا تدلّ عليه النصوص الشرعية القرآنية أو النبويّة.
أمّا رأينا في هذه الإجابات هو أنّها تحمل بعض اللفتات الصحيحة ، والاستدلالات المحقّة إلاّ أنّها لا تصلح أن تكون جواباً للإشكال المطروح.
الجواب الصحيح عن إشكال الجهاد الابتدائي
الجواب الصحيح عن هذا الإشكال : أنّ الجهاد الابتدائي ليس معناه الابتداء بالعدوان ، وإن كانت كلمة « الابتدائي » توحي للسامع هذا المعنى ، والمعنى الصحيح لهذا المصطلح ، هو بدء إظهار القوّة العسكرية ، وإظهار لغة القوّة ، ولكن هذا المصطلح لا يتضمّن البدء بالحرب ، بل يعني : استعمال الأسلوب الضاغط ، وأسلوب القوّة في معالجة عدم خضوع الدولة الأُخرى أو الجهة الأُخرى التي تعادي المسلمين لميزان العدالة في التعامل مع المسلمين.
الجهاد الابتدائي له خلفيّة حقوقية دفاعيّة
وفي الواقع أنّ الجهاد الابتدائي له خلفيّة حقوقية دفاعيّة ، بمعنى إذا تعرّضت حقوق المسلمين للانتهاك ، كما لو نكث الطرف الآخر العهد معهم ، وأقيمت الحجّة على الطرف الآخر ، ولم يستجب للغة الإنصاف والعدل ، فمن الواضح أنّ الإسلام لن يبقى على طبيعته الأوّليّة ، وهي الحوار والتعقّل والرفق واللّين ; لأنّ المفترض أنّ الحجّة قد أُقيمت ، ولم ينفع الخطاب العقلاني مع الطرف الآخر ، ولم يبق مجال إلاّ لمنطق القوّة ، والساحات العسكرية ، واستخدام لغة القوّة يهدف إلى كبح جماح النزوات الغريزيّة الحيوانية في الطرف الآخر المعتدي ، ولا يتضمّن استخدام القوّة في المفهوم الإسلامي ، إهلاك الحرث والنسل ، فالقرآن الكريم يبغض ، وينهى عن