التمزّق الاجتماعي الغربي أخذ يزحف على المجتمع المسلم
والملاحظ أنّ المجتمعات الحديثة يسودها التمزّق ، وهذا التمزّق أخذ يزحف حتّى على المجتمعات الإسلامية ، ولو سألنا آباءنا وأجدادنا عن الترابط الاجتماعي في السابق لوجدنا أنّه كان متقدّماً على ما هو عليه الآن.
القانون الذي لا يستند إلى العدل يعطي الصبغة القانونية للاضطهاد
بعد أن مرّ بنا أنّ العدالة أمر تكويني ، والحقوق ترسو على الأمر التكويني ، والعدالة هي وصول كلّ ذي قابلية للكمال إلى كماله المنشود ، هنا يأتي بحث النظام ، أين موقع النظام العادل في العدالة الاجتماعية؟ هل هو نظام فردي أم أُسري أم جماعي أم يغطّي المجتمعات البشرية؟
ثمّ تأتي منظومة الحقوق ثمّ يأتي التقنين والقانون ، لا قيمة له إلاّ إذا حقق العدالة ، أما إذا لم يحقق العدالة فلا فائدة منه ، وليس هو المدار بل المدار هي العدالة وهي المحور الذي يجب أن يرتكز عليه القانون ، والقانون الذي لا يرتكز على العدالة يعتبر قانون الاستسباع والضيم والاضطهاد وامتصاص الدماء والتمييز ، ويعطي هذا القانون للاضطهاد صبغة قانونية يكون بها مجازاً في المجتمع ، بحيث لا يمكن لأحد أن يعترض عليه.
عهد الإمام علي عليهالسلام لمالك الأشتر لا يتناول مباحث التشريع العامّة
وإذا تجاوزنا بحث التقنين والعدالة ، نأتي الآن إلى النظام ، عهد الإمام علي عليهالسلام إلى مالك الأشتر يمثّل نظاماً وقانوناً إدارياً ، وهو لا يتناول البحث في عموميات العدالة ، فهو ليس كما ورد في الآية الكريمة : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ) (١) ، فالعدل في الآية الكريمة أتى بنحو العموم ، بينما عهد أمير المؤمنين عليهالسلام إلى مالك الأشتر لا
__________________
١ ـ النحل (١٦) : ٩٠.