وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنْ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ) (١).
البكاء يُقرّب الإنسان إلى الفضائل ، ويرقق القلب
الكبر والعجب والتعجرف والاستعلاء والعصبية أمراض ، وتعتبر ظاهرة البكاء علاج لهذه الأمراض ، ويستطيع البكاء أن يقتلع الكثير من جذور الصفات المذمومة في النفس.
ولا يقترب الإنسان ـ في أغلب الأحيان ـ من البكاء إلاّ إذا اقترب إلى الفضائل والقيم النبيلة والمباديء الإنسانية العالية ، وتكون نتيجة هذا البكاء هو تخلّص الإنسان من الرذائل ، وابتعاده عن الأفراد والجماعات التي تمارس هذه الرذائل الروحية ، ويقرّب البكاء الإنسان إلى الفضائل ويجعله يحبّ ، ويقترب إلى أهل الفضائل والمحسنين والصالحين.
الحكمة الإلهية لخلق حالة البكاء عند الإنسان
ولو تساءلنا ، لِمَ خلق الله حالة البكاء ، وجعلها مرتبطة بالإنسان؟ الجواب هو : أنّ البكاء تصحيح ، وطب نفسي سريع جداً للأمراض المتجذّرة ، والتي ربما تكون أمراضاً نفسية سرطانية خطيرة تهدّد مستقبل الإنسان والمجتمع ، ومن ناحية أُخرى فإنّ البكاء يبني الفضائل والمحاسن في نفس الإنسان بشكل سريع أيضاً ، فعلى سبيل المثال : الخشوع لله ، وهو من أفضل الكمالات التي يحصل عليها الإنسان ، ورقّة القلب والصفاء النفسي له علاقة وثيقة بالبكاء ، ويختصر البكاء الطريق إلى الله ويقرب إليه.
__________________
١ ـ المائدة (٥) : ٨٢ ـ ٨٣.