والسهولة واللّين والهدوء ، كما بيّنا في الليلة الماضية.
ويجدر بنا البحث عن فلسفة هذا الأمر وعلّته ، لِمَ كان اللّين والهدوء هو الطبع الأوّلي؟ حتى أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله عنون رسالته بهذا العنوان :
« بعثت بالحنيفية السمحة » (١) ، ولماذا كل هذا التركيز على هذه الطبيعة الأوّلية؟
وعندما نقول أنّ هذه هي الطبيعة الأوّلية ، يُفهم من كلامنا أنّ هناك استثناءات ، ستأتي في ما بعد.
البناء والإعمار ليس من طبيعة القوّة الغضبية
السبب في أنّ اللّين والهدوء والتعقّل هو الطبيعة الأوّلية في القوانين الشرعية ، إنّ الغضب والحدّة مظهر من مظاهر القوّة الغضبية ، والقوّة الغضبية سواءً كانت على نطاق الفرد أو على نطاق الأُسرة أو على نطاق المجتمع أو في النظام السياسي ، ليست بنّاءة ، ولا مشيّدة لبناء ، بل طبيعتها أنّها مانعة رادعة للتجاوزات والظلم الذي يحلّ بالفرد ، ويمثّل الجيش والشرطة القوّة الغضبية في أيّ دولة من الدول ، والجيش والشرطة والقوّة الغضبية ليس من طبيعتها البناء والهندسة والتخطيط والتنمية والإعمار والبحث العلمي والبناء الفكري ، بل الحرب والقتال والمواجهة ، وتمثّل أيضاً درعاً يحفظ باقي قطاعات المجتمع المختلفة من الأخطار الأمنية والعسكرية.
الدمار هو نتيجة إطلاق عنان القوّة الشهوية والقوّة الغضبية
وما قلناه في القوّة الغضبية ينطبق على القوّة الشهوية ، فلا يصح أن يطلق العنان للشهوات والغرائز ، فإذا كانت سياسات الفرد أو الأُسرة أو الدولة منصبّة كلها على
__________________
١ ـ ميزان الحكمة ٢ : ٩٥٢ ، الحديث ٦٢٧٩.