واحد ، والشرائع هي المتغيّرة من نبي إلى آخر ، وهذا الدين بعث به أولوا العزم الخمسية ، وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلىاللهعليهوآله ، وقد وقع بعض الباحثين في إشكال ، وهو أنّ النبي آدم لم يبعث بشريعة ، إذن لم يبعث بدين ، إذن لم يكن آدم نبياً ، والمشكلة أنّ هولاء لم يفرّقوا بين الدين والشريعة ، ولذلك وقعوا في هذا الإشكال ، والصحيح أنّ الأنبياء قد بعثوا بالشرائع ، والدين لا يتعدّد.
أُصول الدين وأركان فروع الدين وأُصول المحرّمات ثابتة في كل الشرائع
الدين يمثّل أُصول الاعتقاد وأركان الفروع ، كالصلاة والصوم والحج والزكاة ، فمثلا : آدم عليهالسلام صلّى وزكّى وحجّ وصام. نعم ، قد تختلف تفاصيل الصلاة أو تفاصيل الحجّ أو الصوم ، ولكنها في نفسها ثابتة لكل الأنبياء ، ولايمكن نسخ الاعتقادات ; لأنّها مرتبطة بتوحيد الله والعدل والآخرة ، ولا يمكن أن يبعث نبي بصلاة ولا يبعث نبي آخر بصلاة ، وهكذا بالنسبة لأُصول المحرّمات والمنكرات ، مثل : الزنا واللواط والسحاق وتحريم الربا ، ولا يمكن أن يحلّها نبي ويحرّمها نبي آخر ، فكلّ هذه الأُمور أُمور فطرية ، والفطرة البشرية ترفض هذه الممارسات التي تحوّل المجتمع الإنساني إلى غابة الإباحة الجنسية التي تهدم الكيان الإنساني ، وكلّما ابتعد الإنسان عن فطرته كلّما انتشرت الرذيلة والفواحش ، وكلّما انتشر الرعب والخوف ، سلب الأمن والاستقرار على صعيد الفرد والمجتمع.
قال تعالى ( شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ) (١).
وقال تعالى : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنْ الْحَقِّ لِكُلّ
__________________
١ ـ الشورى (٤٢) : ١٣.