والمسائل تقوم على الاعتبار ، فمثلا : علم القانون يقوم على الاعتبار ، وعلوم اللغة جانب كبير منها يقوم على الاعتبار ; لأنّ ألفاظ أي لغة لها ارتباطها مع المعنى بتعاقد أبناء تلك اللغة ، وإلاّ فما الرابط بين هذه اللفظة والمعنى؟
فالرابط بين اللفظة والمعنى ارتباط أدبي اعتباري وليس ارتباطاً تكوينياً ، كذلك سائر علوم اللغة من الصرف والنحو والبلاغة والاشتقاق ، كلّ تلك العلوم علوم اعتبارية.
جعلوا العدل أمراً اعتبارياً خدمة لمصالحهم
هذا يقع الكلام في هل أنّ العدل وأحكام العدل ، مثل : لزوم العدل وضرورة العدل من الأُمور الاعتبارية؟ بمعنى هل أنّ العدل من الأُمور التي يتّفق عليها الناس ، ويضعونها في قانون كما يشاؤون؟ كما هو حال اللفظ والمعنى حيث يمكن أن يتغيّر أمرها ، كما غيَّر أتاتورك حروف اللغة التركية من حروف عربية إلى حروف لاتينية.
هذا الجدل في الفكر البشري قديم وحديث ، وأصحاب الإقطاع المالي قد تبنّوا رأي أنّ العدل أمر اعتباري خدمة لمصالحهم ; وذلك تسخيراً للأُمور الفكرية لخدمة مصالحهم المادية ، ومن أجل بسط قدرتهم في المجتمع.
هل كلّ قانون عدل؟
وقد حدث هذا الأمر في اليونان ، كما حدث في أيام حكم بني أمية ، حيث سخّروا العديد من الأقلام والشخصيات العلمية للترويج لمثل هذه الأفكار من أجل خدمة مصالحهم ، وهم يريدون أن يجعلوا العدل أمراً أدبياً اعتبارياً حتّى يكون المدار على القانون ، فيقنّنون ما أرادوا وما يخدم مصالحهم ، ويجعلون هذا القانون ملزماً ، وبذلك تتحقق مصالحهم فتكون العدالة متمثّلة في تطبيق القانون