والمعنى الثالث : هو المدح ، وقال : إنّ المدح هو أمر تخيّلي فرضي أدبي. وهذه المعاني الثلاثة للحسن يقابلها معاني القبح بمعنى النقص ، والقبح في مقابل الكمال وهو أمر تكويني وليس أمراً افتراضياً أدبياً ، والقبح بمعنى الشيء المنفّر للطبع ، والقبح بمعنى الذم.
الأشاعرة : العدل بمعنى المدح التخيّلي الفرضي
وقد بنى الأشاعرة مذهبهم أنّ حسن العدل يعتمد على المعنى الثالث ، وأنّه ليس بناء على المعنى الأوّل ولا الثاني ـ حسبما يدّعون ـ وقبح الظلم ليس بمعنى النقص ، وليس بمعنى أنّ الإنسان ينفر ويتبرّم منه ، وإنّما هو بمعنى الذم ، بينما الإمام الحسين عليهالسلام يصرّح بهذه الحقيقة المتمثّلة بـ « إنّي لا أرى الموت إلاّ سعادة ، والحياة مع الظالمين إلاّ برماً » (١) ، أي : أنّ الظلم أمر تكويني ، والفكر الأشعري يقول أنّ الإنسان قد يتعوّد على الظلم فلا ينفر منه ، ويتأقلم ويتعوّد عليه ، وفي الفكر الغربي أيضاً هو كذلك ، ونحن لا نتكلّم على مستوى الشعارات الغربية ، وإنّما على مستوى الحقيقة الغربية ، حيث الظلم موجود في التمييز العنصري وتفضيل العنصر الأبيض ، وإن لم يكن هذا الأمر معلناً ، ولكنّه موجود.
نسأل الأشاعرة : ما هي ضابطة العدل؟
ومن ثمّ فإنّ الأشاعرة بنوا على أنّ ما أمر الله به فهو حسن وما نهى عنه فهو قبيح ، أي : أنّ العدل ليس له حقيقة خارجية ، فليس هناك ضابطة للعدل ، وإنّما الضابطة إذا أمر الله عزّ وجل ، ولا يقولون : إنّ الله يأمر بغير العدل ، ولكن المبنى عندهم أنّ العدل نفسه لا يمتلك حقيقة خارجية ، وإنّما أمر الله هو العدل ونهى الله هو الظلم بحسب مشيئة الله ، وربّما يستدلّون بهذه الأدلة ، وهي : أنّه ليس هناك
__________________
١ ـ ميزان الحكمة ٤ : ١٥١٥ ، الحديث ٩٧٨٥.