يُفتح باب القتال إذا أُغلق باب الحوار
ولو جئنا إلى الآية الكريمة : ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الاُْخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِىءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) (١) ، فبعد أن فشل الإصلاح بينهما تأتي مرحلة قتال الفئة الباغية ، ولا يصلح النقاش والحوار الفكري بعد هذه المرحلة ; لأنّ الأمر مرتبط بالنزاع العسكري الذي لا يُحلّ بالنقاش الفكري مع إصرار إحدى الطائفتين على البغي ، وأمّا إذا تخلّت عن إصرارها فيأتي دور الإصلاح مرّة أُخرى.
الإمام علي عليهالسلام طرق كل أبواب الحوار قبل القتال
والحوار هو أسلوب أهل البيت عليهمالسلام في التعامل مع الآخرين حتّى لو كانوا أعداءهم ، فهذا الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام رفض البدء بالقتال مع أصحاب الجمل ، وقد أرسل الإمام الحسن عليهالسلام وعبد الله بن عباس إلى الطرف الآخر قبل بدء الحرب إلى درجة أنّهم قالوا : إنّ بني هاشم لديهم من الحجج والبراهين الكثيرة ، ولا نقوى على حججهم (٢) ، وهذا دليل على أنّ معسكر الإمام علي عليهالسلام كان يتوسّل إلى القوى العقليّة لفضّ النزاع ، ولم يلجأ إلى القوّة الغضبية إلاّ بعد أن استنفذ كل الوسائل والطرق العقليّة ، وذلك حرصاً على وحدة المسلمين وحقن دمائهم ، ومن يتابع أمير المؤمنين علي عليهالسلام في كل موقف من مواقف حياته ، سيجد هذه الصفة متجلّية عنده ، فلا يُقدّم القوّة الغضبية على القوّة العقليّة ، وهذا ما فعله في
__________________
١ ـ الحجرات (٤٩) : ٩.
٢ ـ كتاب الجمل وصفين والنهروان : ١٦٣.