العاشورائية : « اللهم إنّك تعلم أنّه لم يكن ما كان منّا تنافساً في سلطان ولا التماساً في فضول الحطام ، ولكن لنرى المعالم من دينك ، ونظهر الإصلاح في بلادك ويأمن المظلومون من عبادك ، ويُعملُ بفرائضك وسننك وأحكامك » (١) ، ثمّ وجَّهَ خطابه عليهالسلام إلى أهل الكوفة والمعسكر الآخر أو جيش الشام : « إن لم تنصرونا وتنصفونا قوي الظلمة عليكم ، وعملوا في إطفاء نور نبيّكم ، وحسبنا الله وعليه توكّلنا وإليه أنبنا وإليه المصير » (٢).
هل القدرة هي مصدر الاستحقاق؟
مرّ علينا الكلام عن أُسس الحقوق والتقنين ، بعد الكلام عن أنّ العدالة هي الأساس والقانون يدور مدارها ، وتكلّمنا عن المدرسة الذاتية ، والتي تعبّر عن الحالة الدكتاتورية والكسروية والقيصرية التي تستعبد الإنسان ، وهنا تظهر فكرة أنّ سيطرة الطبقات بعضها على البعض ظاهرة طبيعية تتمثّل في سيطرة القوي على الضعيف ، فليس من الطبيعي أن تتساوى الشعوب الأوربية مع باقي شعوب العالم ، وهي شعوب أكثر تعلّماً وقدرة وتسلّحاً من غيرها ، فكيف نساويها بغيرها؟!
وفكرة الإنتاج والعمل مطلب آخر ، بل هذه المؤهّلات التي يتّصف بها القوي هي التي تؤهّله إلى أن تكون له استحقاقات معيّنة ، وهذه هي نفس الكسروية والقيصرية القديمة ، ولكنها الآن بصورة حديثة ، وإلاّ فهي نفس الفكرة ، ونفس المدرسة بالضبط ، وترتكز على أنّ القدرة مصدر الاستحقاق ، فكلّما كانت الذات تتمتّع بقدرة أكبر كان لها استحقاق أكثر.
__________________
١ ـ تحف العقول : ١٧٠.
٢ ـ تحف العقول : ١٧١.