في الموجودات النباتية ، قال تعالى : ( وَفِي الاَْرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَاب وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَان يُسْقَى بِمَاء وَاحِد وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْض فِي الاُْكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَات لِقَوْم يَعْقِلُونَ ) (١) ، وفي التراب حيث يفضّل تراب على تراب ، وهذه الفوارق توجب نوعاً من الحيوية والنشاط ، قال تعالى : ( أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْض دَرَجَات لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ) (٢) ، فتستخير فئة لفئة أُخرى لكي يتكامل المجتمع.
لا إفراط ولا تفريط في الإسلام
ولكن الذي يعارضه الإسلام هو الإفراط المتمثّل في النظرية الماركسية والشيوعية أو الاشتراكية ، ويرفض التفريط المتمثّل في نظرية اقتصاد السوق أو النظرية الرأسمالية التي لا تمانع من التفاوت الطبقي الشاسع مهما بلغ هذا التفاوت ، ولو كان هذا التفاوت بسبب زيادة بذل الجهد والطاقة لا يمنعه الإسلام ولا القرآن ولا الفكر الذي جاء به النبي صلىاللهعليهوآله ولا ما أوصى به أمير المؤمنين عليهالسلام مالك الأشتر ولا في كتبه الأُخرى ; لأنّ الفكر الإسلامي يحترم الجهود والكفاءة ، والعاطل لا يساوي المجد ، وإنّما يمنع الإسلام من استئثار المنابع الطبيعية وسدّها ثمّ ضخّها لفئة خاصّة دون باقي مستحقيها من غير أيّ استحقاق ، ويرفض جعل الفرصة للاستثمار لفئة دون باقي مستحقيها ويمنع تطبيق الاحتكار الذي يمثّل سرطان الإقطاع القائم على عدّة أعمدة ، منها : سياسات المافيا الاقتصادية التي لا همّ لها إلاّ تحقيق الربح ، بغضّ النظر عن الآثار الأخلاقية والاجتماعية التي يخلّفها هذا
__________________
١ ـ الرعد (١٣) : ٤.
٢ ـ الزخرف (٤٣) : ٣٢.