لا يمكن أن نطمئن إلى الفطرة الجماعية والعقل الجماعي إذا كانا ملوّثين
المدارس المنطقية المختلفة قد تعتمد في تصويب الأمر المعيّن أو تخطئته في أيّ علم من العلوم حتى في العلوم الإنسانية والاجتماعية ، على الجانب الفكري فقط ، ويستنتجون ويقولون : إنَّ هذا استنتاجٌ عقليٌ لا ريب فيه ، أمّا في مدرسة المنطق التي تنتمي إلى فكر الإسلام وأهل البيت عليهمالسلام ، فإنّها تعتمد على أنّ النفس الإنسانية ليست جانباً فكرياً تجريبياً فقط ، بل إنّ النفس الإنسانية تؤثّر فيها مجموعة قواها ، مثلا : إذا أحب أحدكم شيئاً أصمه وأعمى بصره ، كما أنّ بغض الشيء يُعمي ويُصم ، وكذلك تربية الإنسان تؤثّر في تفكيره وإدراكه لما هو حسن وما هو قبيح ، ولا يمكن أن نطمئن لاستنتاجاتنا إذا كانت نفوسنا ليست في حالة الطهارة ; لأنّه حتى البديهيات والفطرة الإنسانية تكون ممسوخة ومقلوبة ، وحتى العقل الجماعي في المجتمع غير المؤمن يكون عقلا مقلوباً منكوساً ، وحينها تتبدل الأعراف والسير الإنسانية ، وحينها يأتي آت ويقول : « هذا عامل متغيّر في المجتمع ، فيجب قراءة النص على وفق العقل الجماعي » ، وكيف نستطيع التعامل مع عقل منكوس ومقلوب وممسوخ ، ونغيّر النص إلى فكر منحرف ، وحيث إنّ المجتمع قد احترم القيم الهابطة أصبح مجتمعاً هابطاً فاسداً فلابدّ أن يكون تقييمه وعقله وقضاؤه وآراؤه فاسدة ، وحينها تكون قراءة النص وفق نظرة المجتمع المنحرف انحرافاً ، ولا يجدي التبرير بأنّ الدين يجب أن يواكب العصر والأعراف المختلفة والتغيّرات الاجتماعية ; لأنّ الدين يواكب المتغيّرات إذا لم تكن تصطدم مع ثوابته ، ولا يمكنه أن يواكب قيم الانحراف والهبوط الفكري والأخلاقي والرذيلة.
وفي الحديث : « لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليستعملنّ عليكم