الاحتكار ونشر الأمراض الجنسية من مصاديق الإفساد في الأرض
ويصل الإنسان إلى إحراق المواد الغذائية حتّى لا ينزل سعرها في السوق ، فبدل أن يعمل هؤلاء على إخراج كنوز الله من أرضه ، يعملون على إبادة المحاصيل الزراعية ، كلّ ذلك من أجل السيطرة والاحتكار ، وهذا من مصاديق الإفساد في الأرض ، فالقرآن يقول : إنّ الذي لا يؤمن بالله هو إنسان قروي وإن كان في ظاهره متمدّناً ، بينما ذلك الذي يعيش حياة بسيطة مسالماً طيّباً يؤمن أنّ للناس حقوقاً ولله حقوقاً ، ويحافظ على حرمة دماء الناس ، فهذا الإنسان إنسان مدني في منطق القرآن ، حتّى ولو كان يسكن في الصحراء أو في القرى التي لا تعرف التطوّر المدني ، وهذه المدنية التي يعطيها القرآن لهذا الشخص تنطلق من إرادته التي يريد بها للبشرية الخير والاطمئنان والسلام ، أمّا ذلك الذي يعمل على نشر مرض الإيدز والأمراض الأُخرى التي تنشأ من معصية الله تعالى ، فهل هذا يصح عليه لفظ مدني؟! وهل يمكن أن يساهم في تطوّر البشرية ، وهو من المفسدين في الأرض؟!
خليفة الله يد الله ، وعين الله ، ووجه الله في الأرض
إذن منطق الله في القرآن يتّجه إلى أنّ الفيء والثروات هي لله في الأصل وللرسل الذين هم خلفاء الله في الأرض ، وهذا الخليفة يكون يد الله في الأرض ، وعين الله في الأرض ، ووجه الله في الأرض ، فعزرائيل يتوفّى الأنفس ، والله يسند هذا الفعل لنفسه فيقول تعالى : ( اللهُ يَتَوَفَّى الاَْنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الاُْخْرَى إِلَى أَجَل مُسَمّىً إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَات لِقَوْم يَتَفَكَّرُونَ ) (١) ، وقال في آية أُخرى : ( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ
__________________
١ ـ الزمر (٣٩) : ٤٢.