عدم الرضوخ للإرهاب
ولقد أعطانا الإمام الحسين عليهالسلام درساً في الصمود في ميدان المطالبة بالحق مهما بلغ بطش الطغاة ، قال عليهالسلام : « ألا وإنّ الدعي ابن الدعي قد ركّز بين اثنتين بين السلّة والذلّة ، وهيهات منّا الذلّة يأبى الله لنا ذلك ورسوله ... » (١) ، والطاغي إنّما جعل له خيارين : إمّا الخضوع والذل والاستسلام ، وإمّا القتال والاستشهاد فاختار الإمام عليهالسلام لغة القوّة وان لم يبتدء بها ، ولكنّه رفض الخضوع أمام القوّة والتهديد ، وهذا هو الدرس المستفاد من عاشوراء ، وهو عدم الاستسلام لبغي وبطش الدول الكبرى على حساب المبادىء والقيم والالتزام بالخط الإلهي العظيم.
وحينئذ تكون مجابهة القوّة بالقوّة مجابهة مشروعة ، وكان الإمام الحسين عليهالسلام له حدود لا يخرج عنها ، وله موازين لا يتعدّاها ، وهي الموازين الشرعية الإسلامية.
مقارنة بين موقف النبي صلىاللهعليهوآله وموقف الإمام الحسين عليهالسلام
هل كان أصحاب الحسين عليهالسلام في ليلة عاشوراء مستعدّين لتلك المواجهة الصعبة؟ ولماذا استمرّوا في نصرة سيد الشهداء ، مع أنّ الحسين عليهالسلام قد برّأ ذمّتهم ، وجوّز لهم الانصراف؟ وحينها سيكون وحده يواجه هذا الجيش الجرّار ، وقد أمر الله النبي أن يجاهد الكفار حتّى لو وصل به الأمر أن يبقى لوحده في الميدان ، قال تعالى : ( فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ ) (٢) ، فالحسين مستعدّ للقتال حتّى لو كان ويحداً ، وهذا يدلّل على أنّ موقف الحسين عليهالسلام في قتال بني أمية يضاهي ويماثل موقف النبي صلىاللهعليهوآله في قتال الكفار ، وهذا لم يكن للإمام علي عليهالسلام ; لأنّ وظيفة
__________________
١ ـ الملهوف على قتلى الطفوف : ١٥٦ ، المسلك الثاني في وصف حال القتال ، خطبة الامام الحسين عليهالسلام أمام معسكر ابن سعد.
٢ ـ النساء (٤) : ٨٤.