والإمام الحسين عليهالسلام رغم أنّه قام بهذه الثورة المقدّسة العظيمة إلاّ أنّها لم تنفك عن أخلاقه وقيمه ومبادئه العظيمة ، بل كانت ملتزمة بحذافير التشريع الإسلامي ، والمُثل العُليا للدين ، وهذا ما يتجلّى في سلوكه وسلوك أصحاب وأهل بيته وسفرائه ، كمسلم بن عقيل الذي رفض أن يغدر بعبيد الله بن زياد ، مع أنّ هذا الأمر كان أمراً مهمّاً ، وربما يغيّر مجرى التاريخ ، مع ذلك رفضه مسلم بن عقيل ; لأنّه يتنافى مع مبادئه ، وقد أثنى الإمام الحسين عليهالسلام على مسلم بن عقيل ، فمع حرصهم على الهدف الذي يجاهدون من أجله ، وهو وصول المعصوم إلى الحكم الذي هو حقّه ، ومع سموّ هدفهم ، إلاّ أنّهم ما تجاوزوا حدودهم أبداً هذا مع رعونة الطرف الآخر وعدم تقيّده لا بالدين ولا بقيم العرب ولا بالأعراف الإنسانية ، مع ذلك كله إلاّ أنّه لا يُدفع الفساد بالفساد ، وإنّما يدفع الفساد بالصلاح.
الحكم ليس إلاّ وسيلة لإقامة العدل
قال الإمام علي عليهالسلام : « ... والله لَهي أحبّ إليّ من إمرتكم إلاّ أقيم حقاً أو أدفع باطلا » (١) فالحكم في منطق القرآن وأهل البيت عليهمالسلام ليس إلاّ وسيلة من وسائل الوصول إلى الحق ، أمّا إذا كان الحكم بنفسه غاية أو هدفاً نهائياً فلا قيمة لهذا الحكم في ميزان القرآن وأهل البيت عليهمالسلام.
أهل البيت عليهمالسلام يرفضون قاعدة « ادفع الأفسد بالفاسد »
وعند مذهب أهل البيت عليهمالسلام لا تصح القاعدة التي تقول : « ينبغي دفع الأفسد بالفاسد » ، وربما تبنّى هذا الرأي بعض المذاهب الإسلامية ، ولكن مذهب أهل البيت عليهمالسلام لا يوافق عليه ، لأنّ الأفسد قد فعله غيرك ، وهو مسؤول عنه ، وهذا لا
__________________
١ ـ ميزان الحكمة ٢ : ٩٠٠ ، الحديث ٥٨٥٥.