والعليا ، أمّا الطاعة التي تنتج عن الطمع فهي غير مضمونة شأنها شأن الطاعة المبنيّة على الخوف.
ويمكن تطبيق هذا الحديث على تعامل العبد مع باقي الناس ، مع أنّه يتكلّم عن طاعة العبد لربه ، حيث يقول الإمام علي عليهالسلام : « ما عبدتك خوفاً من نارك ، ولا طمعاً في جنّتك ، ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك » ، وعبارة وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك تدلّل على الحب والاقتناع المبني على الفكر والعلم والوجدان.
وهذا ما نراه في دعاء كميل « فهبني يا الهي وسيّدي ومولاي وربّي ، صبرت على عذابك ، فكيف أصبر على فراقك ، وهبني صبرت على حرّ نارك ، فكيف أصبر عن النظر إلى كرامتك ، أم كيف أسكن في النار ورجائي عفوك » ، الخوف من انقطاع العلاقة مع الله أشدّ عندهم عليهمالسلام من نار جهنّم. وعندما خرج الإمام زين العابدين عليهالسلام في ليلة باردة ، « .. فقال له : جعلت فداك في مثل هذه الساعة على هذه الهيئة إلى أين؟ قال : فقال : إلى مسجد جدي رسول الله صلىاللهعليهوآله أخطب الحور العين إلى الله عزّ وجلّ » (١) ، وكان يعني بذلك : التهجّد وطاعة الله.
أهل البيت في صدد بيان درجات الطاعة ، وليس التقليل من شأن الطمع والخوف
أهل البيت عليهمالسلام ليسوا في صدد نكران الطاعة المبنيّة على الخوف من الله أو التقليل من شأن الاشتياق إلى الجنّة ، ولكن في صدد بيان درجات الطاعة ، وأنّ جميع هذه الأنواع من العبادات هي عبادات منجيه ، وأنّه لابد للنفس البشرية أن تحفز بجاذبية الجنّة ونور انيتها ولطافتها الأثيرية المتلألئة وبهجتها وبهائها وسنائها ونعيمها ، كما لا بد من الخوف من النار وعقاربها وزفيرها وشهيقها.
__________________
١ ـ وسائل الشيعة ٥ : ٢٢٨ ، للحديث ٦٤٠٧.