القرآن يأمر بالأخذ بالعفو والإعراض عن الجاهلين
يعتبر الإسلام ، بل حتّى الديانات الأُخرى ، أنّ الرفق واللّين والرويّة والتعقّل والحلم والحوار ، هو الأصل في قوانين الإسلام على المستوى الاجتماعي والفردي ، ففي الآية الكريمة التي يعبّر عنها المفسّرون ، أنّها من التوصيات القانونية التي أوصى بها الله تعالى نبيّه في القرآن الكريم ، وهي قوله تعالى ( خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ ) (١) ، خذ العفو ، أي : أنّ العفو ركيزة أساسية ، رئيسية في سيرة النبي صلىاللهعليهوآله ، القانونية والسياسية والقضائية والإجرائية والتشريعية ، و ( خُذْ الْعَفْوَ ) إذا كان للعفو سبيل ، وهذا الأمر إلزامي من الله لنبي الرحمة محمّد صلىاللهعليهوآله.
( وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ ) البعض قال : أنّ العرف هو ما تعارف عليه الناس (٢) ، وهذا قول مردود ; لأنّ النبي صلىاللهعليهوآله يعمل طبقاً لخطة الوحي الإلهي ، وأنّ عرف الناس قد يحمل الكثير من رواسب الجاهلية ، وهذا يتناقض مع دور النبي الذي عبّر عنه القرآن الكريم : ( يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالاَْغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ) (٣) ، والبعض الآخر قال : ( وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ ) ، أي : ما تعرفه الفطرة البشرية ، أي : ما يعرفه العقل من الحسن والقبح (٤) ، وهذا المعنى صحيح في نفسه ; لأنّ الدين الإسلامي دين الفطرة ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ
__________________
١ ـ الأعراف (٧) : ١٩٩.
٢ ـ الميزان ٨ : ٣٨٠ ، عند قوله تعالى ( وأمر بالعرف ) ، الأعراف (٧) : ١٩٩.
٣ ـ الأعراف (٧) : ١٥٧.
٤ ـ مجمع البيان ٤ : ٧٨٧ ، عند قوله تعالى ( خذ العفو وأمر بالمعروف ) ، الأعراف (٧) : ١٩٩.