القوميات والوطنيات آليات للمعيشة ، وليست أساساً لتقييم الإنسان
القوميات والوطنيات والعنصريات والأعراق المختلفة هي آليات للمعيشة وليست أُسساً للتقييم ، فلا يمكن تقييم الإنسان وتفضيلة بموطنه أو قوميته أو عنصره أو عرقه.
الاعتراف بالشعوب والقبائل في القرآن الكريم ، والحكمة الإلهية في خلقها
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) (١).
وفي الآية عدّة ملاحظات ، الملاحظة الأُولى هي : أنّها خاطبت الناس جميعاً ، والملاحظة الثانية هي : » أنّها ساوت بين جميع البشر من خلال رجوعهم جميعاً إلى آدم وحواء ، فالمصدر واحد ، ولا تفاضل بين هذا وذاك ، والملاحظة الثالثة : أنّ الآية قالت : ( شعوباً ) جمع شعب ، إذن الآية تعترف بتعدد الشعوب ، و ( قبائل ) ، وتعترف بتعدد القبائل وتعدد الأوطان وتعدد الأنساب ، قال تعالى : ( ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ ) (٢).
وبعد أن اعترفت الآية بكل هذه النزعات التي تميّز البشر ذكرت : أنّ الحكمة من خلق الإنسان في مجموعات تمثّلها الشعوب والقبائل ، ( لِتَعَارَفُوا ) ، قال المفسّرون لكي يعرف كل منّا صاحبه ، فلو كان كل البشر بنفس اللون ونفس القالب ونفس الشكل فسيستحيل النظام الاجتماعي ، ويزول الأمن البشري ، ولا تعرف حينها مع من تعاملت ، وإلى من أحسنت ، وإلى من أسَأت ، ومن تزوجت ، وممن
__________________
١ ـ الحجرات (٤٩) : ١٣.
٢ ـ الأحزاب (٣٣) : ٥.