صفين ، حيث كان يقول : « أنا أكره قتالكم قبل الإعذار إليكم » (١) ، وهذه لا تعني : الكراهة بمعنى أنّ هذا الفعل مكروه شرعاً ، بل هو محرّم ، أي : أُحرّم على نفسي أن أبدأهم بقتال.
أمير المؤمنين عليهالسلام ، وحواره مع حزب الخوارج
وفي تعامل أمير المؤمنين عليهالسلام مع الخوارج نموذج رائع ، مع أنّهم كانوا تحت سلطته حيث كان الكثير من المحيطين بالإمام علي عليهالسلام يحثّونه على قتال الخوارج وإبادتهم قبل معركة النهروان ، ولكنّه رفض مقاتلتهم إلاّ بعد أن أتمّ الحجة عليهم بالحوار (٢).
وما فعله الإمام عليهالسلام مع الخوارج يصلح لأن يكون أنموذجاً في التعامل مع المعارضة حيث كان الإمام عليهالسلام يعطيهم كل الحقوق المتعلّقة بإبداء الرأي وطرح الفكر ، وهناك دراسات في جامعة الأزهر تحاول أن تغوص غمار هذه التجربة العلوية المباركة مع الحزب المعارض المتمثّل بالخوارج ، ومن المعروف أنّ الخوارج لم يكونوا أفراداً ، بل حزباً سياسياً وأيدلوجياً ، وحتّى هؤلاء الخوارج لم يبدأهم الإمام علي عليهالسلام بالقتال ، ولم يقصِهم أو يقم عليهم الإقامة الجبريّة ، بل فتح لهم باب الحوار على مصراعيه ، ممّا جعل الخوارج يفتحون الجبهة الإعلامية بشكل قوي ، مع ذلك لم يحاربهم ، واقتصر على رد الرأي بالرأي ، وطرح بيّناته وحججه ، وتحمّل الإمام علي عليهالسلام الطرف المعارض إلى أقصى حدّ ، مادام الطرف الآخر قد اعتمد لغة الحوار ، والأكثر من ذلك أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام كان يقبل المقاضاة ، وهو حاكم الدولة وخليفة المسلمين وأمير المؤمنين في قضية مالية ،
__________________
١ ـ جواهر التاريخ ١ : ٢٨٧.
٢ ـ كتاب الجمل وصفين والنهروان : ٤٢٦.