الطبيعة الخضراء والطبيعة الحيوانية والهوائية والنباتية وما يحيط بالإنسان من كائنات أُخرى في هذه المنظومة الحقوقية ، ولو يفتح للإنسان الباب على مصراعيه سيدمّر الطبيعة التي تحيط به ويعيش فيها ، وبالتالي سيدمّر نفسه بيده ، والسبب هو عدم وجود توازن في مدار الحقوق والتقنين.
العدالة الحقوقية تكوينية وليست وليدة التقنين
إذن العدالة الحقوقية ليست وليدة التقنين ، وفي الأساس العدالة الحقوقية تكوينية ; ولذلك هم يلمسونها بأنفسهم بأنّ تشريع حقّ الصناعة بلغ ما بلغ سيدمّر لنا البشرية ، وتشريع الاستئثار بالمال سينحر الطبقات المحرومة في المجتمع ، وسيخلق الإرهابيين والعنف ، وإذا جعلنا التقنين الخاضع للميول والمصالح هو المدار فعلينا أن نتحمّل التبعات والآثار السلبية ، إذن العدالة لها وجود تكويني ، والحقوق لها وجود تكويني.
الله جعل للإنسان المعادلة التي تحقق سعادته
العدالة هي وصول كلّ ذي كمال إلى كماله ، وذو الكمال الذي نعنيه : أنّه غير متوفّر على الكمال الآن.
الله تعالى هو محور العدل ; لأنّه عالم بالخلق : ( أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) (١) ، الله جعل المعادلة التي توفّر السعادة للإنسان وهو أعلم بها ، ومن هنا جاء الحديث الذي يقول : « لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت » (٢) ، وقال أبو
__________________
١ ـ الملك (٦٧) : ١٤.
٢ ـ الكافي ١ : ١٧٩ ، الحديث ١٠ ، كتاب الحجة ، باب أنّ الأرض لا تخلو من حجه.