الآية ، وفي آية أُخرى قال تعالى : ( شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) (١) ، فجعل القيام بالقسط مقارناً للشهادة الأُولى ، وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للهِِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْم عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) (٢) ، وقال تعالى : ( وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ) (٣) ، فكون العدالة من الصفات الإلهية ، ومن أصول الدين ، ومن أصول المجتمع الديني هذا أمر بيِّن في آيات القرآن الكريم ، والعدل هو العنوان الذي نادى به سيد الشهداء عليهالسلام ، وكان محوراً من محاور ثورته عليهالسلام ، وجعله من علل نهضته.
محورية العدل أم القانون؟
تكلّمنا سابقاً عن إشكالية هل العدل هو المدار أم القانون والتقنين هو المدار؟ وهل العدل حقيقة تكوينية واقعية عينيّة خارجية ثابتة أم أنّ العدل في أيّ مجال من المجالات أمر أدبي اعتباري يقنّنه المقنّن في ظلّ اعتبار قانوني يُفترض ويُعتبر ويُنشأ ويُتعاقد عليه؟
اختلاف الأمر الاعتباري عن الأمر التكويني
الأمر الاعتباري غير الأمر التكويني ، الأمر التكويني له وجود فيزيائي ، ويقابله وجود ما وراء الفيزياء الماديّة ، مثل : عوالم البرزخ وعوالم الآخرة.
والوجود الاعتباري في العلوم أمر يُفترض في الذهن ويُتصوّر ، فإذا كان لأجل أغراض ومصالح يكون اعتباراً هادفاً له ثمرات ، ولدينا منظومة من العلوم
__________________
١ ـ آل عمران (٣) : ١٨.
٢ ـ المائدة (٥) : ٨.
٣ ـ الرحمن (٥٥) : ٩.