البراءة على صعيد العلاقات الدولية
أمّا على صعيد العلاقات الدولية ، ففي مطلع هذا العام الميلادي زار الرئيس الياباني قبور الجنرالات اليابانيين الذين شاركوا في الحرب العالمية فثارت ثائرة الصين وكوريا الجنوبية ، فلِمَ ثارت ثائرتهم ونبشوا التاريخ؟ ولِمَ ينبش الرئيس الياباني هذا التاريخ؟
الصين تقول : أنّ هؤلاء الجنرالات قد قاموا بجرائم في حق الإنسانية ، ويجب اتخاذ موقف سلبي منهم والبراءة منهم ، ومن غير المناسب زيارة قبورهم ، بل طالب الصينيّون والكوريّون من الرئيس الياباني الاعتذار من هذا الفعل الذي يعدّ مساندة للمجرمين في حق الإنسانية ، وأنّ هذا الفعل يربّي الشعب الياباني على الإجرام ، ويرسّخ التجاوزات التي يقوم بها المجرمون في الأجيال القادمة.
إذن التاريخ يؤثّر في النفوس ، وهو مجموعة من العلوم التي يمكن تطبيقها في الواقع ، والتاريخ أبلغ تأثيراً في صياغة أفكار وعواطف المجتمع البشري من غيره.
وعندما يتساوى عند الإنسان الظلم والعدل ، ولم يتخذ المواقف المناسبة منهما فإنّه يصبح ظالماً بصورة تلقائية ، ولذلك يُرفض النازيّون والفاشيّون ، وتُرفض الإشادة بهتلر وموسيليني ; لأنّ التضامن مع مثل هذه النماذج السيئة يسبّب أزمة في المجتمع البشري ، ولهذا يركّز القرآن على الأحداث والسنن التاريخية والاستفادة منها.
التاريخ وعلم السيرة وتراجم الشخصيّات ليس تاريخاً قد مضى ، وإنّما هي عقيدة وعبرة وعظة وقراءة دينية ، وعدم الاعتبار من التاريخ يسبّب تكرار الخطأ الذي قام به الأوّلون.