قلنا له : انصرف.
يقول السيد الطباطبائي في الميزان في ذيل هذه الآية : « أي : يقول المنافقون ، وهم الذين أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر ، والذين في قلوبهم مرض ، وهم الضعفاء في الإيمان ممّن لا يخلو نفسه من الشكّ والارتياب. يقولون ـ مشيرين إلى المؤمنين إشارة تحقير واستدلال ـ غرَّ هؤلاء دينهم إذ لولا غرور دينهم لم يقدموا على هذه المهلكة الظاهرة ، وهم شرذمة أذلاّء لا عدّة لهم ولا عُدّة ، وقريش على ما بهم من العدّة والقوّة والشوكة » (١).
القرآن الكريم يندّد ببعض البدريين ، كما هو صريح الآية المذكورة ، و « ... مع ذلك نرى بعض المسلمين يعتقدون أنّ كل أهل بدر مغفور لهم حتى لو ارتكبوا ما ارتكبوا ، ولعلّ الله عزّ وجلّ إطلع على أهل بدر ، فقال : إعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ... » (٢) ، والسيد الطباطبائي يردّ على هذه الرواية (٣) ; لأنّها تخالف صريح القرآن الذي ندّد ببعض البدريين.
اللعن مفهوم قرآنى يراد منه البراءة من الظالم ومساندة المظلوم
ونحن نركّز على القرآن فضلا عن كتب التاريخ والسير والمراجع التي يعتمد عليها الفريقان ، القرآن يعلّمنا نبش التاريخ ومحاكمة الشخصيات التاريخية واتخاذ المواقف منها ، ونحن هنا نعلن شرعية اللعن المتمثّل بالبراءة من الظالم والوقوف مع المظلوم ، واللعن ليس مفهوماً شيعياً عصبياً خرافياً أُسطورياً ناشئاً من العُقَد النفسيّة ، وإنّما هو مفهوم قرآني إسلامي أصيل ، وحتى في العرف القانوني
__________________
١ ـ الميزان ٩ : ٩٩.
٢ ـ صحيح البخاري ٣ : ٣٠٠ ، الحديث ٤٨٩٠ ، كتاب التفسير ٦٥ ، سورة الممتحنة ٦٠ ، باب « لا تتخذوا عدوّي وعدوكم اولياء ».
٣ ـ الميزان ١٩ : ٢٣٦.