الأمر ، لأنّ المسألة لا تحتمل التأخير والمماطلة فينبغي المبادرة بالردع لحفظ تلك المصلحة ، وللردع درجات ، منها : إعلام وتعليم القائم بالمنكر ، أنّ هذا الأمر منكر.
( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا )
وهذا هو منطق الإسلام ، وقد دلّت عليه العديد من النصوص ، قال تعالى : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا ) (١) ، فإذا كان الإسلام يقول : « لا عقوبة إلاّ بعد قيام الحجة » ، فهذا يعني : أنّ الحوار والتعقّل هو الأصل ، والحجيّة تتقوّم بالإيصال العلمي ، ولا تتمّ الحجّة إلاّ بعد أن يكون ذلك الشخص على دراية وعلم وإلمام تام بذلك الجرم وبحكمه المحرّم ، وإذا لم يتمّ الإلمام التام بذلك لا تقام الحجّة عليه ، ومن ثَمّ لا يعاقب.
القساوة في المرحلة الثانية
ثمّ تأتي النوبة للعقوبة والخشونة والقساوة بعد تجاوز تلك المرحلة ، ولذلك فإنّ في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، يذكر الفقهاء : أنّه يشترط في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باليد ، التأكّد من علم الطرف الآخر ، وإحاطته بالحكم (٢) ، لا أن يضرب قبل التأكّد من علمه بذلك ، فلا يجوز المبادرة بعقابه باليد ، وما شابه ذلك ، قبل التأكّد من علمه بالحكم الشرعي لما قد عمله من منكر ، وبعد إعلامه بالمنكر أو بوجوب المعروف ، يتمّ نصحه وإرشاده ووعظه ، وإذا لم ينفع كل ذلك ، يتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، باليد أو بالمدافعة وما شابه ذلك بإذن الحاكم الشرعي.
__________________
١ ـ الإسراء (١٧) : ١٥.
٢ ـ تذكرة الفقهاء ٩ : ٤٤٣.