على إرادة الله ، كما ورد في الآية ( وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً ) (١).
ولو تأمّلنا في الآية لوجدنا أنّ الخضر مطّلع على إرادة الله من خلال قوله ( فأراد ربك ) ، وهذا القول لا يعني أنّ الخضر قد أتى بشريعة جديدة من عند الله ، وإنّما هو تطبيق للشريعة بأُسسها العامّة التي تغطّي كلّ المتغيّرات
المتغيّرات كثيرة ، ولكن الشريعة تغطّيها
إذاً نحن نتّفق مع مدرسة العلمانية « السكولارزم » بأنّ المتغيّرات كثيرة وكبيرة ، ولكن الأُسس الدينية قادرة على التغطية والاستيعاب لكلّ هذه المتغيّرات ، كما أنّ الأُسس العامّة للرياضيات تغطّي جميع المجهولات الرياضية.
لا يمكن الاكتفاء بظاهر اللفظ القرآني
الذي يدّعي أنّ الشريعة مقتصرة على ظواهر القرآن يجني على الشريعة ، والقرآن يقول : إنّه تبيان لكل شيء (٢) ، ويقول : إنّ الراسخين في العلم يعلمون تأويل القرآن (٣) ، والآيات المحكمات والمتشابهات هي في القرآن المنزل وفي ظواهر القرآن ، أمّا الكتاب المبين في لوح محفوظ في كتاب مكنون (٤) في عوالم الغيب ذلك موجود فيه كلّ شيء وهو تبيان لكل شيء ، أمّا ظواهر القرآن فهي ليست تبياناً لكلّ شيء في التشريع ـ فضلا عن العلوم الأُخرى ـ وإلاّ فكيف نجمع
__________________
١ ـ الكهف (١٨) : ٨٢.
٢ ـ النحل (١٦) : ٨٩.
٣ ـ آل عمران (٣) : ٧.
٤ ـ الواقعة (٥٦) : ٧٨.