التأويل ، مع أنّه كان من أنبياء أُولي العزم بنص سورة الكهف ، بل كان عند غيره ، والله تعالى لم يصف الخضر بأنّه نبي من الأنبياء أو رسول من الرسل ، وإنّما وصفه بأنّه عبد من عباد الله ، وقال تعالى آتيناه علماً لدنّياً حينما عبر بـ ( من لدنا ) ، والعلم اللدنّي هو السبب المتصل بين الأرض والسماء.
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « أنا أقاتل على التنزيل ، وعلي يقاتل على التأويل » (١) ، والعلم الذي عند الإمام علي عليهالسلام هو من عند رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وهو القائل « علّمني رسول الله صلىاللهعليهوآله ألف باب يفتح كلّ باب ألف باب » (٢).
إذاً سورة الكهف تثبت بأنّ الإنسان الذي يمتلك العلم اللدنّي يستطيع أن يغطّي كلّ المتغيّرات حتّى ولولم يكن نبياً ، فهو باعتباره يمتلك العلم اللدنّي من عند الله فهو لا يخطىء ، وهو يستطيع أن يربط بين هذه الحلقة في هذا الزمن بحلقات أُخرى في أزمنة قادمة ، وهذا عمل جبّار ، فلا يستطيع أحدنا أن يخطّط لعمل اجتماعي لخمسين سنة قادمة ، مع معرفة كلّ العوائق والسلبيات التي ستعترضه في هذا المجال ، فجميع التخطيط البشري يتبيّن فشله أو فشل أجزاء منه بنسب مختلفة بسبب قصور الفكر البشري عن استيعاب كلّ الجوانب ، فبعد إتمام المشروع تتبيّن النواقص التي فيه.
والإمام هو صاحب العلم اللدنّي ، وهذا العلم اللدنّي يؤهّله أن يخبر عن الله ، ولكن ليس بمعنى أن يكون نبياً أو يكون صاحب شريعة جديدة ، وهذا تماماً ما حدث للخضر الذي حاور موسى بنفس الأُسس الشرعية في شريعته هو ، فسورة الكهف تخبرنا عن مقام إلهي تحتاج إليه البشرية ، وهذا المقام يستوجب الاطلاع
__________________
١ ـ الفصول المهمة في أُصول الأئمة ١ : ٥٦٩ ، الحديث ٨٥٩.
٢ ـ الفصول المهمة في أصول الأئمة ١ : ٥٦٥ ، الحديث ٨٤٨.