الوزارات ليست وزارات لها مباني ، وإنّما هي وزارات لها نفوذ اجتماعي ، والحكومات ليست هي الحكومات الرسمية فقط ، وإنّما الحكومات هي القوى التي تمتلك النفوذ الاجتماعي سواءً كانت رسمية أو غير رسمية ، وهناك أجهزة تدير العالم في زماننا هذا في الحقل المالي ، وحقل التسلّح العسكري والمصرف والإعلام ، هذه كلّها أجهزة سرية تدير العالم ، ولا نعرف من يقف وراءها ، فليس معنى النفوذ والنشاط أن يكون هذا النشاط معلناً ومن يقف وراءه معلناً ، ولا يوجد رابط بين القدرة على الحكم وبين إعلان الحاكم ، بل حتّى الحكومات المعلنة تقف وراءها أجهزة سرية.
الإمام المهدي ( عجل الله فرجه الشريف ) حاضر وموجود ونشط في مختلف القضايا ، ولو تأمّلنا في هذه الآية من سورة الكهف ( فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً ) (١). لوجدنا أنّ هذه القصّة تشير إلى مجموعة من العباد الذين آتاهم الله رحمة من عنده وعلماً لدنّياً يقومون بأدوار خفيّة على طبق البرنامج والأوامر الإلهية في إدارة المجتمعات.
يقول الإمام الباقر عليهالسلام :
« إنّ علياً عليهالسلام كان محدّثاً ... يحدّثه ملك. قلت : تقول : إنّه نبي؟ ] قال [ فحرّك يده هكذا : أو كصاحب سليمان ، أو كصاحب موسى ... » (٢).
ولولا علم التأويل لم يقتنع موسى عليهالسلام بما فعله الخضر عليهالسلام ، ( ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً ) (٣) ، عندما عرف التأويل اقتنع ورضي بما فعله الخضر على ضوء أُسس شريعته التي تغطّي هذه المتغيّرات ، والنبي موسى لم يكن عنده هذا
__________________
١ ـ الكهف (١٨) : ٦٥.
٢ ـ تفسير كنز الرقائق ٨ : ١٠٥.
٣ ـ الكهف (١٨) : ٨٢.