هل البكاء والحزن ظاهرة سلبية وهدّامة؟
وأمّا الجواب عن الإشكال الذي يقول : إنّ الحزن ظاهرة هدّامة للمجتمع ، وتفتقد للحيوية والنشاط والهمم ، وتسبّب الكبت والتراجع النفسي والفكري والاجتماعي ، وأنّها عُقدة تكفير الذنب.
فالجواب : إذا كان من يطرح هذا الإشكال بعض أبناء المسلمين من المذاهب الأُخرى ، فنقول لهم : ـ كما قلنا في الليلة السابقة ـ أن ظاهرة الحزن والبكاء ظاهرة قرآنية يحث عليها القرآن ـ كما بيّنا ـ في سورة البروج وسورة يوسف وفي قصّة قابيل وهابيل ، بل إنّ القرآن الكريم يحثّ على البكاء ويمتدح النفس اللوّامة في بداية سورة القيامة المباركة ، ويذمّ الفرح حتى اعتقد البعض أنّ الفرح مذموم بصورة مطلقة ، وهذا ليس صحيحاً ; لأنّ القرآن يرفض الفرح في بعض الحالات ، كتلك التي تؤدّي إلى بطر الإنسان ونسيانه للآخرة ، فالفرح مذموم ، ولكن ليس بصورة مطلقة.
هذا ، ووجود المجتمع المتديّن يحدّ من الجريمة نتيجة وجود الحساب الداخلي والرقابة الذاتية وتهذيب شراسة الشهوات والغرائز ، وهذا الأمر يعتمد على التوازن بين الخوف والرجاء في النفس الإنسانية.
إذن من الخطأ رفض ظاهرة الحزن بشكل مطلق ، بل إنّنا في أمسّ الحاجة لظاهرة الحزن والبكاء بالمقدار المطلوب وبشكل متوازن ، ومن المعروف أنّ الطائفة الشيعية ، الاثنا عشرية لديها محطّات أفراح تتمثل في إحياء مواليد الأئمة عليهمالسلام ، ونحن نفرح في هذه المحطّات ، ويتم تعليق الزينة ونشر مظاهر السرور في مقابل الأحزان المتمثّلة في البكاء والحزن في الأيام التي توفّي فيها الأئمة عليهمالسلام.