على كفاءة المقلَّد في تخصّصه ، وأن لا تدخل المحسوبيات في تقييم الشخصيّات المقلَّدة.
والذي يرفض التقليد بشكل تام يؤدّي رفضه إلى سدّ الطريق أمام العلم لكي لا يأخذ مجراه بشكل صحيح ، والقرآن إنّما ذمّ التقليد غير المبني على العلم ، قال تعالى ( وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَة مِنْ نَذِير إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّة وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ ) (١).
والنزوع إلى التقليد أمر فطري ، والإنسان يقلّد مئات المرّات يومياً.
وإذا أخذ الشيعة بعض الآليات من الأُمم الأُخرى للتعبير عن حزنهم على سيد الشهداء وأهل البيت عليهمالسلام ، فإنّ ذلك ليس عيباً مادامت تلك الآلية صحيحة وسليمة ، وهذا يقع في سياق التبادل الثقافي والحضاري بين الأُمم (٢).
إذن ليست المشكلة أنّ هذه الأساليب الحسينية مأخوذة من أُمم أُخرى أم أنّها مبتكرة من أبناء الطائفة ، وإنّما المناط هو صحة الأُسلوب وعدم صحته ، فكون هذا الطقس مأخوذ من الأتراك أو من الهنود أو من غيرهم لا يطعن في هذا الأُسلوب ، وكل الأُمم تتأثّر بالأُمم الأُخرى في أساليبها ، ولكن المهم هو أن تبقى المعاني والمُثُل والقيم والمباديء وإن اختلفت الأساليب.
__________________
١ ـ الزخرف (٤٣) : ٢٣.
٢ ـ ومن شواهد كلام سماحة الشيخ ( حفظه الله ) ، ما شهدته البحرين في السنوات الأخيرة من تطوير في إحياء الشعائر الحسينية ، لا سيّما حملة الإمام الحسين عليهالسلام للتبرع بالدم والموسم الحسيني ، حيث إنّ هذه الأساليب مأخوذة من أُمم أُخرى ، وتمّ إدراجها في الشعائر الحسينية بنجاح ، حيث لاقت الكثير من الترحيب والتلقي الإيجابي من مختلف قطاعات المجتمع الذي نظر إليها على أنّها ظاهرة حضارية تعكس وعي المنتمين إلى ثقافة الإمام الحسين عليهالسلام وخدمتهم لمجتمعهم.