الحدود ، واستأثروا بالفيء ، وأحلّوا حرام الله ، وحرّموا حلاله ، وأنا أحقّ مَن غيّر » (١).
هل الفارق الطبقي الفاحش ظاهرة طبيعية؟
هناك جملة من المدارس المادية والمدارس الذاتية والمدارس الإنسانية ، ترى أنّ ظاهرة الفارق الطبقي الفاحش ليست ظاهرة شاذة ، بل ظاهرة طبيعية في النظام الاجتماعي ، والعدالة هي في نظم النظام الاجتماعي ، وقد تحصل فوارق طبقيّة ولتكن فاحشة مادام هذا ضمن نظام وتنظيم وتدبير ، فلتكن الفرص مفتوحة بهذا المقدار من النظم والإدارة والتدبير في المجتمع ليسعى كلٌّ إلى إكمال عقله وذهنه وكفاءته ، وإلى أن يحصل على القدرة المطلوبة.
نظرة القرآن الكريم إلى الفوارق في المخلوقات
بينما منطق القرآن الكريم ليس على نسج الفارق الطبقي ، ومن المعروف أنّ منطق القرآن الكريم يخالف الفكر الشيوعي الذي يحاول أن تكون في المجتمع طبقة واحدة ، وهذا غير ممكن ، قال تعالى : ( وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْض فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ ) (٢) ، إذن القرآن الكريم والمنطق الإسلامي لا ينسف الفارق الطبقي ، ويقر بالتفاوت في القدرات الذهنية والروحية والبدنية ، وهذه الحالة موجودة حتّى في الأنبياء ، قال تعالى : ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْض مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَات وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ) (٣) ، وحتّى
__________________
١ ـ الكامل في التاريخ ٤ : ٤٨.
٢ ـ النحل (١٦) : ٧١.
٣ ـ البقرة (٢) : ٢٥٣.