الحوار في النزاعات القضائية
وفي فصل النزاعات أيضاً الحوار هو المتقدّم على غيره ، ففي القضاء الشرعي الإسلامي يُدلي المتنازعان برأيهما ، ويطرح كل منهما الأدلّة والبراهين على صحة ما قاله ، وقد يكون النزاع بين فردين أو بين دولتين أو أنّ المجتمع يرفع قضية معيّنة ضدّ حكومته ، ومن هذا المنطق وجدت المحكمة الدستورية في الأنظمة الحديثة ، وهذه المحكمة الدستورية تمثّل القضاء الذي يحكم القضايا التي تحدث بين السلطة الحاكمة والمجتمع في تلك الدولة ، ولسنا الآن في مقام الكلام عن تفاصيل هذه المحكمة.
ممارسة الحكومات الدكتاتورية شوّهت صورة الإسلام
إذن الحوار ليس شعاراً جديداً على التشريع الإسلامي ، ولكن ممارسة الحكومات الدكتاتورية التي كانت تحكم باسم الإسلام ، كالدولة الأموية والدولة العباسية ، أعطت الرأي العام صورة سيّئة عن الحوار الإسلامي من خلال ممارساتها القمعيّة مع من يخالفها ويعارضها من قطاعات الشعب الذي تحكمه ، فهذه الحالة مرفوضة ، ويجب أن يكون التحاكم الثقافي والتحاكم العلمي هو السائد ، كما يطرح ذلك الدين الإسلامي.
الشورى لا تعني إرادة الأكثريّة ، وإنّما هي الأخذ بأفضل الآراء
قال الله تعالى : ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الاَْمْرِ ) (١) وقال تعالى : ( وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ) (٢) ، والشورى هي الحوار ، وهي جمع العقول ، وجمع المعلومات ، وجمع
__________________
١ ـ آل عمران (٣) : ١٥٩.
٢ ـ الشورى (٤٢) : ٣٨.