الخبرات ، وتلاقح الأفكار ، أي : هي ظاهرة ثقافية فكرية ، وليست ظاهرة غضبية ، وليست ظاهرة تحميلية ، أي : تحمل الطرف الآخر على قبول رأيك بالقوّة ، ويخطأ من يقول أنّ الشورى هي إرادة الأكثرية ; لأنّ الشورى ليست إرادة ، وإنّما هي رأي ، والإرادة من القوى العمليّة ، والشورى من القوى العلميّة ، وفرق بين هذا وذاك.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « أعلم الناس من جمع علم الناس إلى علمه » (١) ، وقال علي عليهالسلام : « حق على العاقل أن يضيف إلى رأيه رأي العقلاء ويضم إلى علمه علوم الحكماء » (٢).
وأحاديث أهل البيت عليهمالسلام تحثّ على المشوَرَة (٣) ، وتعتبر المشورة من أعظم أنواع الخيرة ، وإن كانت الخيرة بالسبحة مستحبّة ، ولكن المشورة متقدّمة عليها ، لأنّ الشورى تُوفّر للإنسان فرصة دراسة الموضوع الذي يريد الإنسان أن يُقدم عليه من جميع الجوانب ، وتتكامل عنده الصورة بشكل أوضح ، وهناك شروط لمن تصح مشاورته.
وليست الشورى بمعنى مجموعة الإرادات أو الإرادة الجمعيّة أو الحاكمية للأكثرية ، بل الشورى تعني : الحاكمية للصواب وإن كان الصواب يمثّل رأي الأقليّة في تلك المجموعة ، والشورى تعني : حاكمية العلم وإن كانت لفرد واحد إذا كان أخبر القوم وأعلمهم ، وهو صاحب الرأي الصحيح في قبال مجموعة كبيرة ، الشورى مداولة الآراء لمعرفة الخطأ من الصواب ، ولا تعني : القهر والفرض والاستبداد.
__________________
١ ـ ميزان الحكمة ٥ : ٢١٠٨ ، الحديث ١٤١٦٤.
٢ ـ ميزان الحكمة ٤ : ١٥٢٥ ، الحديث ٩٨٦٣.
٣ ـ ميزان الحكمة ٤ : ١٥٢٤ ، الشورى المرقمة بـ « ٢٨١ ».