الإمام إلاّ العامل بالكتاب ، والقائم بالقسط ، والدائن بدين الحق ، الحابس نفسه على ذات الله » (١).
مرّ بنا الحديث عن عهد أمير المؤمنين عليهالسلام لمالك الأشتر ، وهو كما بيّنا فقه نظام الدولة ، وفقه نظام الدولة يتميّز عن فقه التشريعات العامّة أنّ فقه التشريعات العامّة ترتكز على مبادىء قد تدركها الفطرة ، وتدرك بالنصوص البيّنة المحكمة ، فتكون بيّنة مستبينة ، وأمّا قوانين النظم والأنظمة ، وربّما يعبّر عنها بالفقه الدستوري أو الفقه النظمي والفقه البرلماني أو الفقه الوزاري ، ففيه صعوبة أكثر من فقه التشريعات العامّة ; لأنّ فقه التشريعات العامّة كلّ باب مستقل فيه بنفسه يراعي المصالح المذكورة في ذلك الباب لا غير ، فمثلا : باب الأُسرة يراعي مصالح الأُسرة ، وباب المعاملات يراعي المعاملات ، وباب الجنايات على حدة ، والقضاء على حدة ، والجهاد على حدّة ، والعبادات على حدة ، وباب الاجتهاد والتقليد والمصادر الدينية على حدة ، أمّا التلاحم والتنسيق والملائمة بين هذه الأبواب فهو من اختصاص فقه النظم والفقه الدستوري ، حيث يبحث في كيفية تطبيق الأبواب بحيث لا تتصادم مع بعضها البعض ، ولا تتزاحم مع بعضها البعض.
مهمّة الفقه النظمي الملائمة بين الثابت والمتغيّر
والفقه النظمي ينطوي على تعقيدات وصعوبات ، وهو يلاحظ الأهداف التي يهدف إليها التشريع العام مع متغيّرات البيئة التي تختلف من مكان إلى مكان ، ومن زمان إلى زمان ، ومهمّته الملائمة بين الثابت والمتغيّر بحيث لا يجرفه المتغيّر بنحو مطلق ، كما لا يعكف بنظره إلى الثابت على نحو مطلق في ضمن مصاديق تقليدية قديمة ، وكيف ترسو العدالة في ضمن متغيّرات مختلفة ، وضمن طبائع مختلفة
__________________
١ ـ الإرشاد ٢ : ٣٩.