إذا استهزء المجتمع بقيمة ما ، فإنّه يتخلّص منها ويبعدها
الآية المذكورة في سورة الحجرات التي تتكلّم عن الاستهزاء ، والتي ذكرناها في المحاضرة السابقة يمكن الاستفادة منها ، أنّه إذا استهزء مجتمع ما بقيمة معيّنة ، فإنّ هذه القيمة تذبّل وتتلاشى وتبتعد عن هذا المجتمع ، وفي المقابل فإنّ الفخر والتضامن والاحترام والتبجيل والمساندة والمعاضدة والتجميل والتحسين والاستصلاح والتوقير كل هذه الأُمور تبعث على تركيز القيمة في المجتمع ، فإن كانت هذه القيمة قيمة حسنة ، فإنّ تثبيت هذه القيمة من خلال احترامها وتبجيلها ومساندتها أمر حسن وممدوح ويرضي الله تعالي ، أمّا إذا كانت القيمة التي احترمها ذلك المجتمع قيمة هابطة ورذيلة ، فإنّ هذا الأمر يبعث على غضب الله ، وفساد الفرد والمجتمع ، وستتبدل هوية المجتمع من مجتمع صالح إلى مجتمع فاسد
عدم العمل بالحق ، وعدم التناهي عن الباطل هو سبب ثورة الحسين عليهالسلام
وهذا الأمر نفسه كان سبباً رئيسياً في ثورة سيد الشهداء عليهالسلام ، حيث يقول : « ألا ترون أنّ الحق لا يعمل به ، وأنّ الباطل لا يتناهى عنه » (١) فهو يشير عليهالسلام إلى لزوم تأصيل قيم الحق والخير في المجتمع ، وإزالة قيم الباطل والشر عن البيئة الاجتماعية.
وقد قال الله تعالى : ( لاَ يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْم عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاء عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ ) (٢) ، ولكن ما هو معيار الخيريّة ومعيار الشريّة ، ومعيار الحسن ومعيار القبح ، وهل هو الفطرة والعقل الاجتماعي؟
__________________
١ ـ ميزان الحكمة ٨ : ٣٥٩ ، الحديث ٢٢١١٤.
٢ ـ الحجرات (٤٩) : ١١.