تضاهي القوّة الغضبية الرادعة عند الإنسان ، ووزارات التربية والتعليم تضاهي الإدراك عند الإنسان ، فأصبح جهاز الدولة كإنسان كبير متطوّر وأعمال الصرافة التي تطوّرت حتّى أصبح البنك بحدّ ذاته كدولة مستقلة ، وهذا ما ينطبق على التطوّر الزراعي والصناعي وغيرهما.
الشبهة التي يطرحونها
كيف يبقى الدين ثابتاً مع كلّ هذا التطوّر الذي جرى على البشرية؟ ولو لاحظنا نسخ شريعة موسى بشريعة عيسى جاء في فترة لم تكن فيها قفزة تطوّرية في نظم الحياة ، وهكذا بالنسبة لنوح وإبراهيم ومحمّد صلىاللهعليهوآله ، وإنّما حدثت القفزات والتطوّرات الهائلة في العصور المتأخرة والأزمنة المعاصرة ، فكيف يبقى الدين ثابتاً مع هذا التطوّر العلمي؟
فمن باب أولى أن يحدث النسخ في الزمان الحاضر لحدوث التطوّر الهائل فإنّ المجتمع لم يعد مجتمع قبائل وعشائر ، بل تحوّل النظام إلى وطن وجنسية ومواطنة وبطاقة سكّانية وجواز وإثبات هوية وغيرها
وأنا أطرح هذه الإثارات بكلّ صراحة ; لأنّ ديننا دين خالد ، ويستطيع أن يستوعب كلّ الأُمور ، عنده قابلية الردّ على كلّ الإشكالات ، بل إنّه يمتلك قدرة تلبية العطش البشري ، ونحن لا نعيش في ذلك الزمان الذي ينغلق فيه كلّ قوم على أنفسهم ، وإنّما نحن في زمان أصبح فيه العقل البشري كلّه على طاولة واحدة ، ولا يمكن إخفاء أيّ شيء.
ومن إشكالاتهم أنّ النبي قد بعث في مجتمع يغلب عليه البداوة ، ولم يكن في مجتمع حضاري كالفرس والروم ، وهذا الأمر يدلّ على عظمة محمّد صلىاللهعليهوآله الذي استطاع أن يحوّل هذا المجتمع البدوي إلى مجتمع يحكم العالم ويسيطر عليه ،