الدين عن الحياة بكلّ أطيافها بحجّة أنّ البيئة تتغيّر دون أن تراعي أنّ هناك ثوابت إلى جانب المتغيّرات.
ونحن نطرح سؤالا آخر ، وهو ما هي نسبة الثابت والمتغيّر في حياة الإنسان؟
الإنسان منذ آدم وحتّى زماننا هذا هو الإنسان لم يتغيّر من الناحية الخلقة والبدنية والنفسية والفسلجيّة ، فالجهاز الهضمي والعصبي ، والدورة الدموية والأعضاء البدنية وغيرها هذه كلّها ثابتة.
الحاجات الإنسانية لم تتغيّر ، فالإنسان في زمن آدم لديه حاجات جنسية ، ويحتاج إلى نظام الزواج ، والإنسان في زماننا هذا كذلك ، وهو في ذلك الزمان يحتاج إلى الرعي والزراعة من أجل تأمين الجانب الغذائي ، وفي زماننا هذا كذلك ، والبيئة والصيف والشتاء والحرارة والبرودة ، والقوى الشهوية والغضبية والإحساسات والعواطف والقوى الروحية كلّ هذه الأُمور ثابتة وليست متغيّرة.
الإنسان صاحب عواطف وأحاسيس ، ولا يمكن تهميش هذا الجانب المهم في حياة الإنسان ، كما تنطلق بعض الدعوات التي تدعو لذلك ، فالإنسان يحبّ ويكره ، وينقبض وينبسط ، ويحزن ويفرح ، وهذا هو الجانب الحيوي في الإنسان ، ولا يمكن أن نفرض الجانب الفكري ، والجانب التربوي يعتمد على الجانب العاطفي والوجداني بدرجة كبيرة ، ولا يمكن بحال من الأحوال الاستغناء عنه ، ولا يمكن إخضاعه للفكر بصورة مطلقة.
نحن ذكرنا في المحاضرات الأُولى أنّ الدين هو الدين لا يتغيّر بين نبي وآخر ، وأنّ الذي يتغيّر هو أحكام الشريعة ، فالتوحيد الذي يحتاج اليه الإنسان في الغابة والكهف هو التوحيد الذي يحتاج إليه الإنسان في عصر المعلومات وغزو الفضاء.
التشريع الإسلامي يعالج الجوانب الثابتة في حياة الإنسان ، كما أنّ التشريع يحارب الرذيلة ، والرذيلة وإن تطوّرت في أساليبها وأشكالها إلاّ أنّها هي الرذيلة