سابعها : السجود
والسرّ فيه : أنّه أعلى المراتب الثلاث في الخضوع ، بوضع الجبهة على الأرض ، أو ما كان منها ، ووضع الأعضاء الستّة الأُخر على نحو وضعها ، وفيه كمال الخضوع ، والتذلّل ، والهبوط ، فناسب ذكر ما يفيد تمام العزّة والعلوّ كالأعلى. وحيث إنّ الركوع لم يبلغ ذلك ، أتى فيه بلفظ العظمة.
(ثامنها : الرفع من السجود الأوّل ؛ لينظر العظمة ، ولزيادة التذلّل بالهبوط بعد الجلوس ، والرفع من التشهّد بعد رؤية العظمة ، أو يقوم للخدمة) (١) وفي التدرّج من ذلّ القيام إلى الركوع ، ثمّ منه إلى السجود سرّ عجيب.
وكبّر (للسّجود بعد) (٢) رفع الركوع ؛ لمّا رأى العظمة ، وتوطئة للمبادرة إلى السجود ، واحتجاجاً على وجوبه ، (وكذا بعد السجود الأوّل) (٣) وفي التسبيح والاستقرار والذكر نحو ما في الركوع.
وفي وضع اليدين بين الركبتين ، وموضع الجبهة استقامة وضع البدن (٤) ، وهي أدخل في الأدب.
وفي التخوّي (٥) المُستدعي لزيادة رفع العَجز وإرغام الأنف إرغام لأُنوف الجبابرة ، فإنّهم بذلوا للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أموالاً كثيرة على أن لا يأمرهم بوضع الجباه ، ورفع الأعجاز ، فأبى عليهم ، وأجابهم بأنّه مأمور ، لا اختيار له.
وفي حجب النظر عن السماء ، وقصره على خصوص الأمكنة القريبة إظهار تمام الانكسار والحياء.
وفي تكرار السجود على الأرض مرّتين إشارة إلى أنّ البداية منها ، والغاية إليها.
وفي وضع التشهّد (٦) رجع إلى إعادة الشهادتين أوّلاً وآخراً أو مع الوسط مع
__________________
(١) ما بين القوسين زيادة من «ح».
(٢) بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : في.
(٣) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
(٤) في «س» : اليدين.
(٥) خوى الرجل في سجوده رفع بطنه عن الأرض ، وقيل : جافى عضديه. المصباح المنير : ١٨٥.
(٦) في «م» ، «س» زيادة : بعد الركعتين.