المقوّمة ثمّ يبيّن لهم بمثل قوله : «لا تعاد الصلاة إلّا من خمسة» أنّ مطلوبيّة ما عدا الخمسة إنّما هي على تقدير التذكّر والالتفات ، لا مطلقا ، إلى غير ذلك من أنحاء الإفادة ، كما تقدّمت الإشارة إليها غير مرّة ، فمقتضى الأصل العملي عند الشكّ في كون شيء جزءا أو شرطا مطلقا أو في خصوص حال العمد : عدم ركنيّته ، واختصاص اعتباره بحال العمد ، كما أوضحناه في مباحث أصل البراءة ، ولكن قد أشرنا آنفا إلى أنّ هذا الأصل في خصوص المقام لا فائدة فيه.
وأمّا الإجماع : فالقدر المتيقّن منه إنّما هو الإجماع على أنّ من أخلّ به عمدا وسهوا بطلت صلاته ، وهذا لا يدلّ على اعتباره من حيث هو في الصلاة فضلا عن ركنيّته في حدّ ذاته ؛ لجواز كونه من حيث شرطيّته لركن آخر ، وهو التكبير والركوع.
نعم ، ظاهر فتاويهم ومعاقد إجماعاتهم المحكيّة كونه بذاته ركنا ، ولكن لا حجّيّة في الظاهر ما لم يعلم بذلك من قصدهم ؛ إذ ليس الأمر مبنيّا على التعبّد بظواهر ألفاظهم ، بل على الجزم بالإصابة واستكشاف رأي المعصوم من اتّفاق آرائهم على سبيل الحدس ، وهذا لا يحصل مع عدم الجزم بمرادهم ، كيف! مع أنّ الغالب على الظنّ عدم إرادتهم ركنيّته بالأصالة.
فالذي يقوى في النظر بالنظر إلى عموم قول أبي جعفر عليهالسلام : «لا تعاد الصلاة إلّا من خمسة» (١) الحديث : عدم كون ترك القيام سهوا كزيادته كذلك من حيث هو موجبا للبطلان ، ولكن ترك القيام المتّصل بالركوع يوجب
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ١٠ ، الهامش (١).