وكون النسبة بينهما العموم من وجه غير مجد ؛ فإنّ الحاكم مقدّم على كلّ حال ، كما تقدّمت الإشارة إليه مرارا ، ويأتي توضيحه وتقريب وجه حكومة الخبرين على مثل هذه المطلقات في محلّه إن شاء الله.
هذا ، مع أنّ تقييد تلك المطلقات بحال العمد بالنسبة إلى كثير من الموارد التي تقدّمت (١) الإشارة إليها في عبارة الشهيد وغيره ممّا لا بدّ منه ، ومعه لا يبقى لها قوّة ظهور في الشمول لحال السهو فيما عدا تلك الموارد بحيث يصلح لمعارضة الخبرين فضلا عن أن يترجّح عليهما.
وأمّا الاستدلال بأصالة الركنيّة : ففيه ـ بعد الغضّ عن أنّه لا مجال للتمسّك بهذا الأصل كسائر الأصول بعد ورود النصّ بخلافه ، أي الصحيحة المتقدّمة (٢) ـ : أنّ هذا الأصل غير أصيل ؛ لأنّ مبناه دعوى استحالة اختصاص جزئيّة شيء أو شرطيّته بحال الذكر ؛ لاستلزامه التكليف بما عداه على تقدير السهو الذي هو عنوان غير اختياريّ ، فاكتفاء الشارع بما صدر من ناسي الأجزاء والشرائط التي ليست بأركان حكم ثانويّ تعبّديّ مخالف للأصل ، وإلّا فلا يعقل أن يكون ناسي السورة مكلّفا بالصلاة بلا سورة كي يكون عمله مجزئا في الواقع لو لا مسألة البدليّة الجعليّة التعبّديّة.
وفيه : أنّه لا مانع عنه لا عقلا ولا شرعا ، بل هو في الشرعيّات فوق حدّ الإحصاء ، وليس تفهيم الناسي بكونه مكلّفا بما عدا الجزء المنسيّ طريقه منحصرا في أن يأمره بالصلاة بلا سورة لدى النسيان ، بل يكلّف عامّة المكلّفين بالصلاة ويبيّن لهم أجزاءها المقوّمة ويأمرهم بضمّ ما عداها إليها لدى التذكّر ، أو يكلّفهم بجميع الأجزاء والشرائط المقوّمة وغير
__________________
(١) في ص ٦ ـ ٧.
(٢) في ص ١٠.