الأذكار والآيات الثلاث المفروض تمكّنه من قراءتها بمقتضى الاستبعاد المزبور (١) ـ الذي عليه يبتنى الاستدلال ـ تأويل لا يكاد يحتمل إرادته من هذه الرواية.
فالأولى في توجيه هذه الرواية ـ بعد تسليم الاستبعاد المزبور ـ الالتزام بعدم صدق قراءة القرآن عرفا على قراءة هذه الآيات ؛ لشيوع الإتيان بالتسمية والتحميد ولو مترتّبا بإضافة (رَبِّ الْعالَمِينَ) لا بقصد قراءة القرآن وإن كان الإنصاف أنّ ذكر (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) بعدهما يمحّضها عرفا في القرآنيّة ، إلّا أنّ دعوى انصراف الأمر بقراءة شيء من القرآن عنها غير بعيدة ، ومقتضاها الالتزام بوجوب الأذكار حينئذ بدلا عن مجموع القراءة الواجبة في الصلاة ، وعدم العبرة بمعرفة مثل هذه الآيات التي ينصرف عن قراءتها إطلاق الأمر بقراءة القرآن ، وستعرف أنّ الالتزام به ليس بالبعيد.
وكيف كان فقد اتّضح بما ذكرنا أنّ الأدلّة المزبورة قاصرة عن إثبات وجوب التعويض عن المجهول ، فالقول بعدمه هو الأقوى وإن كان الالتزام به فيما إذا كان ما يحسنه منها بمقدار آية أو آيتين ممّا يمكن ادّعاء انصراف الأمر بقراءة القرآن عن قراءته وحدها في غاية الإشكال ؛ فإنّ ظاهر جملة من النصوص ـ كالنبويّ ورواية العلل المتقدّمتين (٢) والصحيحة الآتية (٣) وغيرها كصريح الفتاوى ـ أنّه تجب قراءة شيء من القرآن في الصلاة ، والمتبادر منها إرادة مقدار معتدّ به منه ، لا مثل قوله تعالى : (مالِكِ يَوْمِ
__________________
(١) في ص ١٣٨.
(٢) في ص ١٣٧ و ١٣٩.
(٣) في ص ١٤١.