القادر على قراءتها ، لا مطلقا ، وإلّا للزم سقوط الصلاة عمّن لا يقدر عليها مع أنّها لا تسقط بحال ، فيلزمه أن لا تكون الفاتحة معتبرة فيها إلّا مع القدرة على قراءتها ، فالالتزام بوجوب شيء آخر بدلا عنها يحتاج إلى دليل تعبّدي ، وإلّا فمقتضى الأصل عدم وجوب ذلك الشيء وبراءة الذمّة عنه.
وأمّا خبر (١) العلل ـ فبعد تسليم سنده ودلالته والغضّ عن أنّ مثل هذه الأخبار مسوقة لبيان الحكم والمناسبات المقتضية لشرع الحكم من غير أن يقصد إناطة الحكم بها ـ أنّ غاية مفادها مطلوبيّة ماهيّة القراءة في نفسها لحكمة عدم هجر القرآن ، وهي تتحقّق في ضمن بعض الفاتحة ، فمن الجائز أن لا تكون مطلوبيّة مجموع (٢) الفاتحة إلّا لخصوصيّتها الداعية إلى تخصيصها بالأمر ، لا لكون كلّ جزء منها ممّا تقتضيه تلك الحكمة كي يجب الإتيان بعوضه عند تعذّره ، فلا يفهم من الرواية أزيد من مطلوبيّة مسمّى قراءة القرآن عند تعذّر مجموع الفاتحة ، وهو يحصل بقراءة بعضها ممّا يتحقّق به مسمّى قراءة القرآن.
وأمّا أمر النبي صلىاللهعليهوآله للأعرابي بالتحميد والتهليل والتكبير حيث قال ـ فيما روي عنه صلىاللهعليهوآله ـ : «وإذا قمت إلى الصلاة فإن كان معك قرآن فاقرأ به ، وإلّا فاحمد الله وهلّله وكبّره» (٣) ففيه ـ مع أنّه بحسب الظاهر عامّيّ لا ينبغي الركون إليه ـ أنّ ظاهره كون التحميد والتهليل والتكبير عوضا عن جميع القراءة الواجبة في الصلاة ، لا عن بعضها ، وحمله على إرادة الجمع بين
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ١٣٨ ، الهامش (١).
(٢) في «ض ١٣» : «جميع».
(٣) سنن أبي داود ١ : ٢٢٨ / ٨٦١ ، سنن الترمذي ٢ : ١٠٠ ـ ١٠٢ / ٣٠٢ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٨٠.