هذه هي جملة من الأخبار التي استدلّ بها لأفضليّة التسبيح.
ولكن قد يشكل ذلك بأنّ ظاهر جلّ هذه الأخبار بل كاد أن يكون صريح جملة منها : عدم مشروعيّة القراءة في الأخيرتين ، وأنّه يتعيّن فيهما التحميد والتسبيح ، كما أنّه يتعيّن في الأوليين القراءة ، فحملها على إرادة الأفضليّة في غاية الإشكال ؛ فإنّ أغلبها آبية عن هذا الحمل ، كما لا يخفى على من له أنس بالمحاورات العرفيّة ؛ إذ العرف لا يساعد على إرادة ذلك المعنى من مثل هذه العبائر.
وأشكل من ذلك الجمع بينها وبين خبر عليّ بن حنظلة ـ المتقدّم (١) في صدر المبحث ـ الذي (٢) صرّح فيه الإمام عليهالسلام بالتسوية بين قراءة الحمد والتسبيح وأكّده بالحلف بعد أن سئل عن أنّ أيّهما أفضل؟ فإنّ هذا يناقض التفضيل فضلا عن نفي شرعيّة القراءة رأسا ، كما هو ظاهر جلّ هذه الأخبار إن لم يكن صريحها.
والذي يقوى في النظر أنّ المقصود بالقراءة التي دلّت هذه الأخبار على اختصاص مشروعيّتها بالأوّلتين دون الأخيرتين هي قراءة القرآن من حيث هي التي أوجبها الله تعالى في الصلاة لئلّا يكون القرآن مهجورا مضيّعا ، وأمّا الأخيرتان فلم يشرع فيهما إلّا التسبيح والتهليل والتكبير والدعاء ، فوظيفة الأوليين ليست إلّا القراءة من حيث هي ، ووظيفة الأخيرتين ليست إلّا الذكر ، ولكن فاتحة الكتاب لها اعتباران : فمن حيث إنّها قرآن وإنّ فيها من جوامع الخير ما ليس في غيرها وجبت قراءتها عينا
__________________
(١) في ص ١٥٧.
(٢) في «ض ١٧» زيادة : «قد».