في كلّ من الأوليين اللّتين وجب فيهما القراءة ، كما أوضح ذلك خبر علل الفضل ، المتقدّم (١) عند البحث عن تعيّن الفاتحة في الأوليين ، ومن حيث إنّها ذكر ودعاء رخّص الشارع في الإتيان بها في الأخيرتين اللّتين ليست وظيفتهما إلّا الذكر والدعاء ، كما يشهد لذلك صحيحة عبيد بن زرارة قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الركعتين الأخيرتين من الظهر ، قال : «تسبّح وتحمد الله وتستغفر لذنبك ، وإن شئت فاتحة الكتاب فإنّها تحميد ودعاء» (٢) فإنّ هذه الصحيحة حاكمة على جميع الأخبار المتقدّمة ؛ إذ المنساق من تلك الأخبار ـ سواء كانت بصيغة الإخبار كما في جملة منها ، أو بلفظ الأمر بالتسبيح أو النهي عن القراءة ـ ليس إلّا إرادة الحكم الوضعي ، أعني اعتبار التسبيح والتحميد بالخصوص في الركعتين الأخيرتين ، دون القراءة ، وهذه الصحيحة مقرّرة لتلك الأخبار على هذا الظاهر ، ورافعة للتنافي بينه وبين الرخصة في قراءة الفاتحة بالتنبيه على أنّ وظيفة الأخيرتين ـ التي هي الذكر والدعاء ـ تتأدّى بقراءة الفاتحة ، فإذن لا منافاة بين رواية (٣) عليّ بن حنظلة ، التي وقع فيها الحلف على أنّهما والله سواء ، بعد أن سأله عن أيّهما أفضل؟ وبين الأخبار المتقدّمة الدالّة على أنّ وظيفة الأخيرتين ليست إلّا الذكر دون القراءة.
نعم ، صحيحة عبيد لا تنهض بنفسها رافعة للتنافي بين رواية ابن
__________________
(١) في ص ١٠١.
(٢) التهذيب ٢ : ٩٨ / ٣٦٨ ، الاستبصار ١ : ٣٢١ / ١١٩٩ ، الوسائل ، الباب ٤٢ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ١.
(٣) تقدّمت الرواية في ص ١٥٧.