وخبر سليمان بن أبي عبد الله قال : صلّيت خلف أبي جعفر عليهالسلام ، فقرأ بفاتحة الكتاب وآي من البقرة ، فجاء أبي فسئل فقال : «يا بني إنّما صنع ذا ليفقّهكم ويعلّمكم» (١).
وفيه ـ بعد تسليم الإجماع المركّب والغضّ عمّا حكي عن ظاهر الإسكافي من القول بجواز التبعيض (٢) ـ أنّ هذه الأخبار لا تصلح لمعارضة الأخبار المتقدّمة الدالّة بظاهرها ـ ولو باعتضاد بعضها ببعض ـ على وجوب قراءة سورة كاملة ، فإنّ تلك الأخبار حتى مكاتبة (٣) يحيى ـ التي هي أقواها دلالة على المدّعى ـ وإن كانت قابلة للحمل على الاستحباب إلّا أنّ احتمال إرادة الاستحباب من تلك الأخبار ليس بأقوى من احتمال جري الأخبار النافية للبأس عن ترك السورة أو تبعيضها مجرى التقيّة ؛ فإنّ هذا الاحتمال وإن كان في حدّ ذاته من الاحتمالات المرجوحة التي لا يعتنى بها مهما أمكن الجمع بين الأخبار بارتكاب تقييد أو تخصيص أو تأويل في أحدها ، ولكن في خصوص المقام ونظائره الأمر بالعكس ؛ حيث إنّ اتّفاق كلمة أصحابنا ـ عدا من شذّ ـ على وجوب قراءة سورة كاملة بعد الحمد. وخلاف جمهور أهل الخلاف على ما نقل عنهم من اتّفاقهم على استحباب السورة وجواز تبعيضها (٤) جعل احتمال التقيّة في هذه الأخبار أقوى من احتمال
__________________
ـ أبواب القراءة في الصلاة ، ح ١.
(١) علل الشرائع : ٣٣٩ ـ ٣٤٠ (الباب ٣٨) ح ١ ، الوسائل ، الباب ٥ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٣.
(٢) راجع الهامش (٦) من ص ١٧٧.
(٣) تقدّمت المكاتبة في ص ١٧٧ ـ ١٧٨.
(٤) ممّن نقله عنهم العلّامة الحلّي في تذكرة الفقهاء ٣ : ١٣١ ، ذيل المسألة ٢١٩ ، ومنتهى المطلب ٥ : ٥٤ و ٥٧.