وفي المدارك قال في شرح العبارة : هذا الضابط ربما أوهم بظاهره تصادق الجهر والإخفات في بعض الأفراد ، وهو معلوم البطلان ؛ لاختصاص الجهر ببعض الصلوات ، والإخفات ببعض وجوبا أو استحبابا.
والحقّ أنّ الجهر والإخفات حقيقتان متضادّتان يمتنع تصادقهما في شيء من الأفراد ، ولا يحتاج في كشف مدلولهما إلى شيء زائد على الحوالة على العرف (١). انتهى.
أقول : مبنى ما ذكره من الاعتراض على الضابط المزبور هو : أنّه جعل الإخفات في عبارة المتن معطوفا على المضاف إليه ، كما لعلّه هو الذي ينسبق إلى الذهن من سوق التعبير ، ويؤيّده قوله في عبارة النافع : «وأدنى الإخفات أن يسمع نفسه» (٢) وهو كالنصّ في أنّ للإخفات فردا آخر أعلى من ذلك يتحقّق بإسماع الغير ، مع أنّه يصدق عليه أيضا حدّ الجهر ، فيلزم أن لا يكون الجهر والإخفات متضادّين ، وهو خلاف الحقّ.
ولكن يحتمل أن يكون الإخفات في عبارة المتن معطوفا على المضاف ، فلا يتوجّه عليه حينئذ الاعتراض المزبور.
وربما يؤيّد هذا الاحتمال ما يظهر من غير واحد من أنّه ليس للإخفات مراتب ، بل حدّه أن يسمع نفسه تحقيقا أو تقديرا ، بل عن العلّامة في التذكرة دعوى الإجماع عليه ، فقال ما لفظه : أقلّ الجهر أن يسمع غيره القريب تحقيقا أو تقديرا ، وحدّ الإخفات أن يسمع نفسه لو كان سميعا بإجماع العلماء ، ولأنّ ما لا يسمع لا يعدّ كلاما ولا قراءة (٣). انتهى.
__________________
(١) مدارك الأحكام ٣ : ٣٥٨.
(٢) المختصر النافع : ٣٠.
(٣) تذكرة الفقهاء ٣ : ١٥٣ ـ ١٥٤ ، الفرع «أ» من المسألة ٢٣٧ ، وحكاه عنه السيّد ـ