وأمّا سائر الروايات : فلا يستفاد منها إلّا استحباب الجهر بالبسملة في الصلاة على سبيل الإجمال ، وغاية ما يمكن ادّعاؤه أنّه ينسبق إلى الذهن إرادته في المواضع التي كانت التسمية فيها معروفة لديهم ، فإن ثبت تعارف القراءة في الأخيرتين في عصرهم أمكن دعوى استفادته من النصوص ، وإلّا فلا يخلو عن إشكال.
ولكنّ الذي يهوّن الخطب أنّ ما دلّ على وجوب الإخفات في الأخيرتين لا يعمّ البسملة ، فإنّ عمدته الإجماع والسيرة بالتقريب الذي عرفته فيما سبق ، وهما لا ينهضان لإثباته في البسملة التي ذهب المشهور إلى استحباب الجهر بها ، فلا يبعد حينئذ الالتزام باستحبابه ؛ لما يستشعر بل يستظهر من خبر هارون عن أبي عبد الله عليهالسلام ـ الواردة تعريضا على المخالفين الذين تركوا البسملة في القراءة أو أخفوها ـ رجحان الجهر بها من حيث هي في كلّ موضع شرّعت ولو في غير الصلاة.
قال عليهالسلام : «كتموا (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فنعم والله الأسماء كتموها ، كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا دخل إلى منزله واجتمعت عليه قريش يجهر بـ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ويرفع بها صوته ، فتولّي قريش فرارا ، فأنزل الله : (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً) (١)» (٢).
وربما يستشعر من هذه الرواية أنّ المقصود بالأخبار المستفيضة الواردة في الحثّ على الجهر بـ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) وأنّه من علائم
__________________
(١) الإسراء ١٧ : ٤٦.
(٢) الكافي ٨ : ٢٦٦ / ٣٨٧ ، الوسائل ، الباب ٢١ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٢.