في أثنائها واشتغل بشرب التّتن والتّنباك ونحوه مثلا ، فإنّ حصول مثل هذه الأشياء في أثناء القراءة عند طولها بقصد الاستراحة وتجديد النفس ليس قادحا في صدق وحدتها وانضمام بعضها إلى بعض في العرف ، ولكنّها منافية للهيئة الاتّصاليّة المعتبرة في الصلاة ، كما سيأتي تحقيقه في محلّه إن شاء الله.
ثمّ إنّه ينبغي تقييد إطلاق المتن وغيره ممّن أطلق الحكم باستئناف القراءة بما إذا كان ما أتى به في خلال القراءة موجبا لانفصام نظمها بحيث لم يكن العود إلى ما انتهى إليه أو مع شيء ممّا تقدّمه ممّا له شدّة ارتباط به مجديا في تداركه ، وإلّا عاد على ما يحصل معه الارتباط من غير حاجة إلى استئنافها ، كما أنّه ينبغي تنزيل قول من أطلق الحكم بالقراءة من حيث انتهى إليه على هذه الصورة.
وحكي عن غير واحد (١) القول ببطلان الصلاة مع العمد ، وربما علّلوه بأنّ الإخلال به مخالفة لأمر الشارع بترك الموالاة الواجبة في الصلاة ، وهي منهيّ عنها ، وأنّه موجب لبطلان الجزء الذي اعتبر فيه الموالاة ، وفساده يوجب فساد الكلّ ، فلا تتحقّق به موافقة أمره.
وفيه : أنّه بعد تداركه تتحقّق الموافقة ، فلا مقتضي للبطلان.
وأمّا ما قيل من أنّ المخالفة منهيّ عنها (٢) ، فكأنّه أريد به أنّ الجزء المأتيّ به فاسدا حرام ، فتسري حرمته إلى الكلّ بواسطة جزئه ، فيمتنع
__________________
(١) مثل : العلّامة الحلّي في قواعد الأحكام ١ : ٢٧٤ ، والشهيد في البيان : ١٥٧ ، والذكرى ٣ :٣١٠ ، والمحقّق الكركي في جامع المقاصد ٢ : ٢٦٥ ، والحاكي عنهم هو السيّد الشفتي في مطالع الأنوار ٢ : ٧٤.
(٢) قاله الشهيد في الذكرى ٣ : ٣١٠.