ويدلّ عليه أيضا في الناسي والساهي صحيحته الأخرى أيضا عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : قلت له : رجل جهر بالقراءة فيما لا ينبغي الجهر فيه أو أخفى فيما لا ينبغي الإخفاء فيه وترك القراءة فيما ينبغي القراءة فيه أو قرأ فيما لا ينبغي القراءة فيه ، فقال : «أيّ ذلك فعل ناسيا أو ساهيا فلا شيء عليه» (١).
ومقتضى إطلاق النصّ وفتاوى الأصحاب عدم الفرق فيما ذكر بين الركعتين الأوليين والأخيرتين ، ولا بين الجاهل بأصلهما أو محلّهما ، كمن زعم أنّ الإخفات في العشاءين والجهر في الظهرين مثلا ، بل ولا بين الجاهل بحكمهما أو موضوعهما ، كما لو زعم أنّ بعض أقسام الإخفات جهر فاكتفى به في صلاة المغرب مثلا ، فإنّه لم يتعمّد الإخفات في صلاة المغرب وإن تعمّد في فعل ما هو إخفات في الواقع.
وانصراف قوله عليهالسلام : «أو لا يدري» عن جاهل الموضوع غير ضائر ؛ إذ المدار ـ على ما يظهر من صدر الخبر ـ على عدم الجهر في موضع الإخفات أو عكسه عمدا. وقوله عليهالسلام : «فإن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا» الحديث ـ بحسب الظاهر ـ تعبير عن مفهوم القيد الواقع في الصدر ، فهو بمنزلة أن يقال : فإن لم يفعل ذلك متعمّدا فلا شيء عليه.
وكذا لا فرق على الظاهر بين ناسي الموضوع أو الحكم.
وانصراف قوله عليهالسلام : «ناسيا أو ساهيا» عن ناسي الحكم غير ضائر ؛ لما عرفت.
هذا ، مع إمكان إدراجه في عموم «لا يدري» كما لا يخفى.
__________________
(١) تقدّم تخريجها في الهامش (٦) من ص ٢٤٥.